الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أفكار ومن وساوس الموت، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة أعاني منذ أسبوع من وساوس الموت يومياً، فقررت أن أبحث في اليوتيوب عن علاج وساوس الموت.

وأنا أشاهد أحد المقاطع سمعت شيخاً قال لشخص يعاني مثلي في سياق الحديث لإقناعه \" إذا مت في 2040م هل هذه الوساوس ستقدم أو تأخر هذا التاريخ \" وطلب الشيخ من المتصل أن يقول إن شاء الله، والمشكلة أني قلت إن شاء الله كذلك، وبدأت أفكر هل ربي سمعني؟ وهل سأموت في 2040م عندما قلت إن شاء الله، أم أنها صدفة أو من أعمال الشيطان؟

خاصة أني كنت حلمت مند فترة أني عدت من الغربة لأني مقيمة بفرنسا، وكان أبي يعانقني في منزلنا.

أريد أن أعرف من فضلكم، لماذا هذه الأشياء تحدث معي؟ وإن كانت وساوس الشيطان فكيف أتخلص منها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي أره أنه لديك درجة بسيطة من قلق المخاوف، وقد استقرت مخاوفك حول الموت، والخوف من الموت خوف منتشر، وطبعًا أنت دخلت في موضوع مشاهدة المقطع، وهذا ولَّد لديك شيئاً من التساؤلات والوسوسة.

أنا أقول لك أن الأمر في غاية البساطة، أنا متأكد أنك على قناعة أن موضوع الموت لا نقاش حوله، الآجال بيد الله، والخوف لن ينقص من عمر الإنسان لحظة ولن يزيد في عمره أبدًا، ولا أحد يعرف أجله.

نحن حقيقة ندعو الناس لأن يخافوا من الموت الخوف المحمود لا الخوف المرضي المرفوض، الخوف المحمود هو الخوف الذي يجعلك تعرفين أن الله تعالى أتى بنا في هذه الدنيا من أجل عمارة الأرض، ومن أجل أن نكون فعّالين ونافعين لأنفسنا ولغيرنا، وأن نستمتع بهذه الحياة، وأن نعمل لما بعد الموت، نختصرها في قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلَّا ليعبدون}، أي أن يكون الإنسان عابدًا لله مُطيعًا فيما أمر منتهيًا عمَّا نهى عنه، خائفًا وجلاً، خوفًا يحثه على الطاعة والعمل لما بعد الموت، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، يأتيه الموت وهو على طاعة غير متلبس بالذنوب والمعاصي، هذا هو الخوف المحمود، وهذا خوف مطلوب، مع القناعة التامّة أن الأعمار والآجال بيد الله تعالى، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل أجلها ورزقها، وأن كل شيءٍ بقضاء وقدر.

أختي الكريمة: أرجو أن يكون هذا هو منهجك، وأن تحقّري تمامًا الفكرة الوسواسية المرضية، ولست محتاجة أبدًا أن تستمعي لمواد أو مقاطع حول الموت، أو شيء من هذا القبيل، القناعة يجب أن تكون ثابتة وصلبة.

أنا متأكد أن هذا الخوف هو خوف مكتسب وليس ضعفًا في شخصيتك ولا قلة في إيمانك، هو أمرٌ شائع وينتشر، ويجب أن يُعالج بالكيفية التي ذكرتها لك.

الأمر الآخر هو: يجب أن تكوني إنسانة جيدة في إدارة وقتك، لتتجنبي الفراغ، لتتجنبي الوسوسة مع النفس، لأن الفراغ الذهني والفراغ الزمني من أكبر الأشياء التي تجلب القلق والوساوس والمخاوف والتوترات، استشعري دائمًا أنك إنسانة نافعة، إنسانة جيدة، إنسانة مفيدة، هذا أيضًا مهمٌّ جدًّا.

إدارة الوقت مهمة، النوم الليلي المبكّر مهم، الاستفادة من الصباح، أن يستيقظ الإنسان مبكّرًا ويُصلي الفجر، ثم تبدئين بعد ذلك مثلاً تذاكرين بعض المواد الهامّة، لأن الاستيعاب في فترة الصباح ممتاز جدًّا، ثم تذهبين إلى الجامعة، وبعد ذلك يكون لديك نشاط اجتماعي، ترفهين عن نفسك بما هو طيب وجميل، تُشاركين الأسرة، تكونين دائمًا حريصة على صلواتك، يكون لديك ورد قرآني، أن تحرصي على الأذكار، وتستمتعي بالحياة، هذا هو الذي نريده لك – أيتها الفاضلة الكريمة -.

الرياضة أيضًا مهمة جدًّا كعلاج مضاد للقلق وللتوترات التي تؤدي إلى المخاوف، تطبيق بعض التمارين الاسترخائية أيضًا مهمٌّ جدًّا، وأنا أعتقد أنك تحتاجين لدواء بسيط مُزيل للمخاوف، مثل عقار (استالوبرام) أو عقار (سيرترالين)، كلاهما من الأدوية الجميلة جدًّا.

يمكن أن أصف لك جرعة الاستالوبرام، هي: خمسة مليجرام يوميًا – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تناوليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفي عن تناول الاستالوبرام، هو دواء سليم، فاعل، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وهذه الجُرع جرعات صغيرة.

إذًا – أيتها الفاضلة الكريمة – هذا هو العلاج لهذا القلق والمخاوف الوسواسية، والشيطان طبعًا دائمًا يترصد للإنسان ويقعد في أطرقه كلها، ويجب على الإنسان أن يستعيذ بالله تعالى منه.

وللفائدة راجعي هذه الروابط: (2405159 - 2323709 - 2322784).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً