الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقلي ينشغل بمواضيع مختلفة أثناء المذاكرة، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 17 سنة، كنت متفوقة في صغري إلى أن وصلت للصف الثالث الإعدادي، وفجأة فقدت قدرتي على الفهم، ولازمني التشتت وكبرت المشكلة، وأصبحت أعاني من وساوس كثيرة، منها النظافة والسرحان والنسيان والمرض والموت وعدم القدرة على المذاكرة، أهملت حفظي للقرآن، وتحصيلي الديني أصبح ضعيفا، واستمر الوضع 3 سنوات، إلى أن وصلت إلى الثالث الثانوي.

لا أستطيع المذاكرة، وكلما أقنعت نفسي بها يأتيني شعور بالبكاء، جاءنا راق وأخبرنا أنه حسد القرين، لكني لم أستمر على الرقية، علما أن مع الرقية أشعر بتحسن ونشاط، ولكن في فترات الشتاء يأتيني ضيق ووساوس ونفور من المذاكرة، وأفكر في أشياء ومواضيع عادية، والوسواس يضخم هذه المواضيع ويجعلني أحزن بشدة، وأحد هذه المواضيع أنني تعرضت للتحرش لما كنت في الخامسة من عمري، وكنت لا أدري ما يحدث، ولكن هذا الموضوع نسيته ومارست حياتي، ولكن أثناء المذاكرة يطرح عقلي هذا الموضوع ويجعلني أحزن ولا أذاكر، فلماذا يأتي هذا الموضوع في عقلي أثناء انشغالي بالدراسة؟ ما رأى الإسلام في ضحايا التحرش؟ وكيف يتم علاجهم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Tota حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الحالة المزاجية عند الإنسان قد تتغيّر، وهذا النوع من التأرجح في المزاج والدافعية عند الإنسان أمرٌ معروف خاصة في مثل سِنّك؛ لأنها سِنِّ التكوين النفسي والوجداني والبيولوجي والفسيولوجي والاجتماعي، وقد يشعر الإنسان أحيانًا بشيء من الإحباط، وهذا الذي حدث لك، حدث لك إجهاد نفسي، وطبعًا لديك وساوس ولا شك في ذلك، ولديك شيء من قلق المخاوف.

إذًا تشخيص حالتك هي أنه لديك ما يُسمَّى بقلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة، وهذه حالات ليست خطيرة أبدًا، سوف تزول عنك -إن شاء الله تعالى-.

الأسئلة الوسواسية التي تُطرح على خُلدك أرجو ألَّا تجاوبيها، دائمًا حاولي أن تُحقّريها، أن تتجاهليها، وذلك في بداياتها، وأن تُكثري من الاستغفار، وأن تقولي (آمنت بالله) هذه الكلمة ردِّديها كثيرًا، لأن بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اشتكوا من هذه الوساوس، فطمأنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنها من صميم ومن صريح الإيمان، ونصح من أصابه شيء من هذا أن يقول: (آمنت بالله) ونصحه بأن يستعيذ بالله وبأن ينتهي، قال: (فليستعذ بالله ولينتهِ)، يعني لا يناقشها، لا يحاورها أبدًا، لا يطرق بابها، لا يُحلِّلها، لا يسترسل معها.

فأكثري من قول (آمنت بالله) ومن قول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، واستغفري الله كثيرًا، وصدِّي الفكرة في بداياتها، وخاطبي الفكرة الوسواسية قائلة: (أنتِ فكرة وسواسية حقيرة، أنا لن أهتمَّ بكِ)، واصرفي انتباهك مباشرة من خلال أن تُغيري وضعك، أن تُغيّري فكرتك، مثلاً: إن كنت جالسة فقفي، وإن كنت واقفة فاجلسي، أو تحرّكي، خذي نفسًا عميقًا وأخرجيه بقوة وفكري في شيء مخالف تمامًا للفكرة الوسواسية. أي شيء من هذا القبيل يصرف الانتباه، وهذه حيل سلوكية ممتازة جدًّا.

الأمر الآخر هو: أن تنظمي وقتك، تنظيم الوقت دائمًا شيء عظيم، وأفضل شيء في تنظيم الوقت أن تنامي ليلاً نومًا مبكِّرًا -لا تسهري-؛ هذا يجعلك تستيقظين نشطة، تُصلِّين الفجر، وتبدئين يومك، يمكن أن تبدئي مثلاً حفظ القرآن بعد صلاة الفجر -أمرٌ طيب- ثم تدرسي بعض الدروس المهمة والتي تتطلب الحفظ خاصة، وتقومي ببعض التمارين الرياضية كتمارين الإحماء. الذي يبدأ يومه في الصباح الباكر بمثل هذه الإنجازات لا شك أنه سوف يُوفَّقُ في بقية اليوم وتتحسَّنُ لديه الدافعية. هذه هي الوسيلة الوحيدة: النوم الليلي المبكّر، الاستيقاظ المبكّر، ووضع جدول زمنيّ لإدارة الوقت خلال اليوم، هذه مهمَّة جدًّا.

فأرجو أن تلزمي هذا المنهج العلمي والسليم: تحقير الأفكار السلبية، حُسن إدارة الوقت، النوم الليلي المبكّر، الاستيقاظ المبكّر، والبداية دائمًا تكون بصلاة الفجر، والبكور فيه خير كثير جدًّا.

كما نصحتك بممارسة الرياضة مهمة جدًّا، أيضًا يجب أن تمارسي بعض تمارين الاسترخاء، (تمارين شد العضلات واسترخائها، تمارين التنفس المتدرجة) كلها تمارين ممتازة ومفيدة. توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

أيضًا اسعي دائمًا أن تكوني بارَّةً بوالديك، اجلسي مع أسرتك؛ فهذه الأسس العلاجية المهمة جدًّا والتي تفيدك -بإذن الله تعالى-.

بالنسبة لموضوع التحرُّش: أنت كنت ضحية ولم تكوني معتدية، وهذا بابٌ يجب أن يُغلق، الحاضر أفضل من الماضي دائمًا، فعيشي الحاضر بقوة وبإيجابية. هذا هو الذي أنصحك به.

ربما أيضًا تحتاجين لدواء، لكنّك صغيرة في السِّنِّ نسبيًّا، فطبّقي هذه التطبيقات وإذا حدث أنه لم يحصل لك تحسُّن حقيقي فبعد ذلك يمكن أن نفكّر في الدواء أو تذهبي إلى طبيب نفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً