الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدثت لي أشياء غريبة أثناء الرقية الشرعية، فعلى ماذا تدل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مصابة بالوسواس، فقررت سماع الرقية الشرعية بصوت الشيخ محمد جبريل، وعند سماعي كان ذلك قبل أن أنام، لا أدري هل هذا حلم أم واقع، ولكن كنت أسمع من في البيت معي أمي وأبي وأختي وهم في غرفة أخرى غير التي أنا فيها.

أحسست وكأن أحدا يضغط على أنفي بشدة، وعندما أريد التحدث يخرج الصوت وكأنه شخير، ولا أستطيع التحدث، حصل معي أكثر من مرة، وعندما أردت أن أنادي على أختي أحسست بأن صوتي منخفضا لا تسمعه، وكنت أحاول بشدة فصل القرآن حتى أستطيع النوم، ولم أرتح أبدا إلا بعدما أقفلت القرآن ونمت، وكنت أحس بتيبس في ظهري إلى الأسفل، كل هذا أثناء سماعي للقرآن، فما هي حالتي؟

مع العلم أنني في كل فترة تأتيني الأحلام بشكل شخص يضغط على صدري أو ظهري على حسب وضعي في النوم، ولا أستطيع التنفس، وصوتي لا يخرج.

أريد أن أعرف ما هذه الأعراض؟ وهل أتوقف عن الرقية الشرعية لأنني خائفة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mona حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
إن أفضل الرقية أن يرقي الشخص نفسه بنفسه، فإن لم يقدر فليبحث عمن يرقيه من محارمه رجلا كان أو امرأة، فإن لم يجد فليبحث عن راق أمين ثقة، والسبب في ذلك هو أن يكون الراقي قاصدا رقية المصاب، وقد يحتاج أن يضع يده حيث يألم المصاب، ثم إن الراقي يؤثر بفضل الله بما عنده من قوة الإرادة والإخلاص والتصديق بنفع الرقية، فإن الرقية مثل السلاح بيد الشخص فإن كان من يحمل السلاح جبانا لم ينفع السلاح.

النائم في بداية نومه قد يحس بما يحصل حوله لفترة من الزمن ثم إذا استغرق في النوم ذهب سمعه، وأما ما أحسسته من كتم للنفس والشعور بعد القدرة على الكلام فهذا يمكن أن يكون كابوسا لسبب أو آخر، ولا يمكن أن يقال إن ذلك بسبب الرقية؛ لأن الرقية تسمعينها في حال النوم، وفي حال النوم يبقى العقل الباطن مستيقظا منتبها، وربما كان راسخا في ذهنك ما يحصل لبعض الناس أثناء الرقية فيحصل لك ذلك أثناء النوم، ويكون أشبه بحديث النفس، وله تفسيرات أخرى لا أريد أن أطيلها هنا.

لا بد أن تلاحظي ما يحصل لك أثناء الرقية وأنت مستيقظة فذلك هو الذي يبنى عليه، وبما أنك تعانين من الوساوس فقد تأتيك هذه الوساوس على شكل كوابيس.

علاج الوساوس يكون بما علمنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- وذلك باحتقار الوساوس، وقطعها فور ورودها، وعدم الإصغاء لها أو التحاور معها، مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ثم النهوض من المكان الذي أتتك فيه الوساوس، وممارسة أي عمل مفيد يلهيك عنها.

إن كانت الوساوس في الصلاة فعلاجها ما أخبرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام أن ننفث من دون ريق على الجهة اليسرى ثلاثا، ثم نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم فإن ذلك شيطان يقال له خنزب يلبس على المصلين صلاتهم.

نوصيك بالمحافظة على الصلوات في أول وقتها، وبكثرة تلاوة القرآن الكريم فذلك سيعينك على طرد الوساوس -بإذن الله تعالى-.

من وسائل طرد الشيطان ووساوسه كثرة ذكر الله تعالى، فحافظي على أذكار اليوم والليلة، واجعلي لسانك رطبا من ذكر الله، يقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: (الشَّيْطَاْنُ جَاْثِمٌ عَلَىْ قَلْبِ اْبْنِ آدَمَ، فَإِذَاْ ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ، وإِذَا غَفَلَ وَسْوَسَ)، كما أن كثرة الذكر يورث طمأنينة القلب، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

صلي صلاة الوتر قبل النوم، ولا تنامي إلا على وضوء، وحافظي على أذكار النوم كاملة قبل أن تضعي رأسك على الوسادة، فإن أكثر ما يجد النوم من الكوابيس وعدم الراحة في النوم بسبب إهمال أذكار النوم.

لا تجعلي هذه المسألة تستولي على فكرك وتفكيرك، واجتهدي في تناسيها، فإن للعامل النفسي أثر كبير فيما يحصل.

إن استمرت معك تلك الكوابيس فلا بد من الرقية، فأنصحك بالبحث عن راق أمين وثقة إن لم تجدي نفعا من رقية نفسك، أو لم تجدي من محارمك؛ وذلك ليستكشف حالتك، وليكن ذلك بحضور أحد محارمك فإن تبين شيء فاستمري بالرقية حتى تشفي بإذن الله تعالى.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يصرف عنك هذه الوساوس، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً