الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي تغيرت بعد وفاة أمي، فكيف أعود طبيعيا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 24 سنة، كانت حياتي جميلة إلى أن فقدت أمي -رحمها الله-، فتغيرت حياتي، وبدأت بالتفكير والقلق، حيث أني لم أصدق بوفاة أمي، ومنذ 6 أشهر أشعر بضيق مزعج في الصدر وكتمة، وراجعت الكثير من الأطباء والمستشفيات ولا جدوى، وذهبت لرقاة ولم أستفد.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأسأل الله تعالى الرحمة لوالدتك وجميع موتى المسلمين.

قطعًا فَقْدَ الأُمِّ ووفاتها أمرٌ جلل ولا شك في ذلك، والتأثُّر والأحزان التي تأتي -إن شاء الله- هي رحمة في القلوب، لكن الإنسان لا بد أن يكون أيضًا على استعداد لهذا الفراق، ولا بد أن نعلم أن الحياة تجمع وتفرق، ولا بد أن يكون الإنسان عقلانيًّا ومُدركًا ومنطقيًّا، فالموت حق، وما عند الله خيرٌ للعبد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ).

فأرجو أن تلتزم بما أوصانا به الشرع الحنيف، أن تدعو لأمك بالرحمة، وأن تستغفر لها كثيرًا بأن تقول (اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها واعف عنها، وأكرم نزلها، ووسع مدخلها، واغسلها بالماء والثلج والبرد، ونقها من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بينها وبين خطاياها ما باعدت بين المشرق والمغرب، وأسكنها فسيح جنتك، يا رب العالمين)، وأن تُحدِّث مثلاً أخواتك أن يصلن مَن كانت تصلهم من النساء، وأن تتصدق لها حتى ولو بالقليل، وهذه الأشياء تصلها في قبرها -بإذن الله تعالى-، وهذا من وجهة نظري يعطيك -إن شاء الله تعالى- قناعاتٍ كاملة بأن الحياة يجب أن تستمر، وأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، وأن الموت لا مفر منه، {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}، وأنه {كل مَن عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}، {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة}.

موت والدتك – أيها الفاضل الكريم – يجب أن يكون محفِّزًا لك بأن تثبت ذاتك، أن تكون مشرِّفًا لها، أن تقوّي نفسك علميًّا ومهنيًّا، وأن يكون لك وجود اجتماعي، لا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية أبدًا، اذهب، شارك الناس في أفراحهم، في أتراحهم، زر المرضى، امشِ في الجنائز، هذا أمر عظيم، الناس يقولون: هذا فلان ابن فلان وابن فلانة، وهذا يؤدي إلى إشباع نفسي كبير، ويخرجك من هذه الحالة التي أنت فيها.

أريدك أيضًا أن تمارس الرياضة، الرياضة طيبة وجميلة جدًّا حقيقة، تنهي الطاقات النفسية السلبية، خاصة الاكتئابية.

أرجو أن تنام النوم الليلي المبكّر، وتتجنب السهر، هذا الضيق الذي تحس به في صدرك ناتج ممَّا يمكن أن نسميه بالانقباضات العضلية الناتجة من التوتر، التوتر النفسي يتحوّل إلى توتر عضلي، وأكثر العضلات التي تتأثّر هي عضلات الصدر، فأنت لست مريضا بأي مرض في الصدر أو في القلب، إنما هي حالة نفسية، وهذه الحالات نسميها بـ (الحالات النفسوجسدية)، ناتجة من القلق الاكتئاب البسيط الذي تعاني منه.

طبعًا نحن دائمًا نقول أن الإنسان بعد الثلاثة أشهر من فقد ووفاة عزيز له يجب أن يتواءم ويتكيف تكيُّفًا تامًّا. أنت الآن الموضوع – وفاة والدتك – تقريبًا اقترب من الستة أشهر، فأرجو أن تلتزم بالنمط السلوكي الذي ذكرتُه لك، وفي ذات الوقت أريد أن أصف لك دواءً بسيطًا سوف يُساعدك كثيرًا.

الدواء هو (ديناكسيت) دواء بسيط، يُعالج القلق بصورة جيدة، تناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على ثقتك في الشبكة الإسلامية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً