الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وثقت بصديقي فورطني ووجدت نفسي متابعا قضائيا!

السؤال

السلام عليكم.

عندي صديق وقع في ضيق فطلب مني وثائقي ليعمل باسمي، لأنه يجب أن يعمل بملفين، وقد تخاصم مع صاحبه الأول، وقد جاءني باكياً مترجياً وكعادتي لا أرد أحداً إذا كنت قادراً.

صنعت ملفاً باسمي وأعطيته شيكات لتكون ضمانات عند الموردين، والله يعلم أنه كان موقفاً رجولياً، ولم أبحث عن فائدة أو أي شيء، فما لبثت أن وجدت نفسي متابعاً قضائياً، ومطلوباً للعدالة لسبب الثقة العمياء، وكان المبلغ كبيراً أكبر من كل عائلتي، وخارج نطاقها.

كلمته عن ماذا جرى فتحجج بالخسارة في المشروع، وعدم التوفيق، وبسبب نيتي الخالصة الصافية كلمت أحد معارفي واستدان منه باسمي مبلغاً كبيراً نسبياً، ظناً مني أنه سينقذ المشروع ويخلصني من ورطتي، ولكن يا حسرتاه.

بدأت أسأل عن عمله وتقربت منه لأرى ماذا حدث فإذا بي أعرف بأني مغرر بي، وظهر بأن ذلك الصديق ذئب بشري، لا يهمه شيء لا مال العباد ولا حتى رب العباد، بل يستعين بالمشعوذين والحروز والحجب، وعرفت بأنني علقت في زجاجة محكمة الإغلاق، ومكبل اليدين، وصار حتى قوت يومي وأولادي عسيرا، وأبكيت والدي وأحبائي بسبب ثقة عمياء أو غباء منقطع النظير.

أحمد الله على هذا الحال الذي هو إما ابتلاء وإما عقاب، لحكمة يعلمها، ولكن ما يؤرقني هو أني سببت مضرة إلى ذلك القريب الذي أدان باسمي وأصبح يطالبني بما له، وتأكدت بأن سبب همي وغمي أن ذاك الرجل مفلس ولا يستطيع أن يفي بما عليه، فوالله إني أحمل هماً كالجبال، وأخاف أن أظلم نفسي أو أظن ظن سوء، فبالله عليكم انصحوني، وأشيروا علي، خاصة في أمر قريبي الذي ورطته معي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يفرِّج همّك ويُنفِّس كربك.

لا شك – أيها الحبيب – أن إغاثة الملهوف وإحسان المعاملة مع الخلق وإعانة المحتاج؛ كل هذه صفات يُحبُّها الله سبحانه وتعالى، وقد وعد سبحانه وتعالى بأنه في عون مَن يُعين، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).

نصيحتُنا لك أن تُحسن الظنَّ بالله سبحانه وتعالى، وأنه سبحانه وتعالى سيُفرِّجُ هذا الكرب وإن وقع منك تقصير، لكن ما يواسيك – أيها الحبيب – هو أن تعلم بأن كل شيء بقضاء وقدر، والله تعالى قد قدّر هذا الحادث عليك قبل أن يقع، وقد كتب مقادير السموات والأرض قبل أن يخلقها بخمسين ألف سنة، وكلُّ شيءٍ بقضاء وقدر، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى العجز والكيس، (كلُّ شيءٍ بقدر حتى العجز والكيس).

يعني ذلك: كل ما نقفه من المواقف التي نكون فيها قد وقفنا موقف العاجز فإن ذلك بقدر الله، وأي موقف نقفه نكون فيه موقف الذكي الفطن الحريص الذي لا يُخدع؛ أيضًا ذاك بقدر الله تعالى، فكلُّ شيءٍ بقضاء الله وقدره.

تذكُّرك لهذه الحقيقة تواسيك وتخفف عنك بعض أعبائك، كما أن في هذا درساً لك بأنه لا بد من الاحتياط والحذر من الماكرين من عباد الله، والمؤمن ينبغي أن يكون فطنًا.

أمَّا ما حصل مع قريبك هذا فهو كذلك قدر الله تعالى، فمن حيث الحكم الشرعي أنت وهذا الغريم الذي أخذ الأموال كلاكما مسؤول عن هذه الأموال التي أُخذتْ من هذا الرجل؛ لأنه استدانها وأنت لأنك ضامن، وعليه أن يُتابعه بوسائل المتابعة القضائية لعلَّه يستردّ ماله أو بعض ماله.

نسأل الله تعالى أن ييسّر لكم الأمر ويُفرّج عنكم الكرب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً