الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينتابني اكتئاب وتوتر لدرجة أني لا أشتهي الطعام!

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوجة، ولدي ٣ أطفال، صبيان 12-5 سنوات، وبنت 9 سنين، وأنا موظفة حكومية، أعاني من حالة عصبية شديدة، كل شيء يجري أمامي يغضبني من أطفالي أو زوجي، أو أهل زوجي الذين يعيشون معي، ومؤخرا من أصدقائي وإخوتي، لدرجة إن جسمي يرتجف، وخاصة من قبل أطفالي أمام أهل زوجي، مع أني أحبهم وأعتني بهم، وأرجو الثواب على ذلك.

أحس باكتئاب وروتين يومي يجعلني لا أريد أن أطبخ، أو أنظف، أو أدرس أطفالي، أو حتى احتساء القهوة مع جيراني أو أصدقائي، مع أني أفعل كل هذا رغما عني، وألوم نفسي على ذلك، لماذا هذا التفكير ينتابني؟ لدرجة أني لا أشتهي الطعام، لجأت للصيام للهروب من الأكل، وأفطر بالقهوة فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

بالفعل الذي يظهر لي أنه لديك شعور بالإحباط وعسر المزاج، وهذا نوع من الاكتئاب النفسي من الدرجة البسيطة، افتقاد الدافعية، وعدم الاستمتاع بما هو طيب وجميل هي من سمات الاكتئاب النفسي ولا شك في ذلك، لكن أؤكد لك أنه اكتئاب بسيط.

أولاً: كثير من علماء السلوك يعتقدون - وأعتقد أنهم محقون – أن الاكتئاب ليس علة مزاجية في المقام الأول، إنما هو علَّةٌ فكرية، بمعنى أن أفكار الناس تعتلَّ وتصبح سلبية ثم بعد ذلك يأتي تعكُّر المزاج واضطرابه وظهور الاكتئاب، وهذا يقودنا لعلاج جيد وبسيط، وهو أن الإنسان دائمًا يفكّر في إيجابياته، أنت لديك إيجابيات عظيمة (لديك الذرية، لديك الزوج، لديك العمل، في سِنِّ الشباب، أشياء طيبة في حياتك)، فيا أختي الكريمة: أريدك أن تدفعي نفسك دفعًا نحو التفكير الإيجابي، ونحو المشاعر الإيجابية بقدر المستطاع.

وأن تكون أيضًا الأفعال والسلوكيات أفعال إيجابية بقدر المستطاع، ومن أفضل الأشياء هي أن تُحسني إدارة الوقت، وتُلزمي نفسك بتطبيق الجدول اليومي مهما كانت المشاعر سلبية: النوم الليلي المبكّر، تجنُّب السهر، الاستيقاظ المبكّر لصلاة الفجر، وبعد الصلاة تبدئي يومك، البكور فيه خير كثير جدًّا، وكيمياء الدماغ حقيقة تكون أكثر إفادة للإنسان في الصباح. هذا ترتيب بسيط جدًّا للحياة.

وأنا أقول لك أن الرياضة مهمة جدًّا، رياضة المشي في مثل عمرك سوف تكون ممتازة جدًّا، الآن توجد أمامنا أبحاث علمية موثقة وقوية ومحكّمة وقائمة على الدليل تُشير أن الرياضة المنتظمة والصيام المتقطع هي من أفضل الأشياء التي تُعالج الاكتئاب النفسي، وأنت الحمد لله تصومين، لكن لا أريد أن يكون هروبًا من الطعام والشراب، إنما يكونُ احتسابًا للأجر، والصيام المتقطع أنا أعتقد أن صيام الاثنين والخميس والأيام البيض من كل شهر، أو بما يستطيعه الإنسان سيكون حقيقة ترتيبًا جيدًا وإيجابيًّا.

هذه هي نصائحي لك، وأبشرك أنه توجد أدوية ممتازة جدًّا لعلاج هذا النوع من الاكتئاب، من أفضل الأدوية عقار يُسمَّى تجاريًا (سبرالكس) ربما تكوني قد سمعت عنه، واسمه العلمي (استالوبرام)، ربما تجدينه تحت مسمى تجاري آخر في بلدكم.

الجرعة المطلوبة في حالتك هي: أن تبدئي بنصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية في حالتك، تناوليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول السبرالكس.

السبرالكس دواء سليم، وفاعل، وغير إدماني، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية، له أثر جانبي بسيط، وهو أنه ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، فإن حدث لك شيئًا من هذا فاتخذي التحوطات اللازمة حتى لا يزيد وزنك عمَّا هو طبيعي وصحي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً