الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انعزلت اجتماعيا ولم أعد قادراً على التكيف مع الآخرين، فما العلاج؟

السؤال

حصلت على معدل 93 وقررت إعادة السنة الدراسية في 2017، إلا أني عانيت مشاكل في نفسيتي، ففي 2018 لا أدري ماذا حدث لكني لم أفتح الكتب، مع أني محب للقراءة والعلم، وكان عندي طموح إلا أني صحيت قبل شهر من الامتحانات وهذا جعلني أشعر بالذنب، واتخذت قرار الإعادة، ولكن هذه المرة انعزلت اجتماعيا إلى درجة أن أهلي -الله يحفظهم- يهللون عندما أخرج من الغرفة، وأصبح الأمر مؤلما التواجد مع الناس.

عندما أخرج أحاول أن أتجنب قدر الإمكان من يعرفني بأن أمشي في جانب الطريق، أما الذهاب للمناسبات فيحتاج إرادة كبيرة، وأذهب متأخرا، ويكفي أن تعرف أن هذا ينطبق على أقرب الأشخاص لي، فعندما تزوج لم أذهب إلا في يوم عرسه وفي وقت متأخر.

أصبحت فجأة أخاف الموت أو موت أهلي، فأنا لا أصعد لسطح البيت خوفا من طلقة تصيبني، وأخاف إلى درجة أن قلبي يتألم من شدة القبض عندما يخرج أهلي إلى أي مكان حتى وإن كان لغرض التسوق، وحتى الصلاة لا أصليها خوفا من ابتلاء الله سبحانه وتعالى.

على مدار السنة قلبي وصدري يتألمان وأشعر بالثقل ومشاعر الزوال والاضمحلال، وأنام كثيرا لكن نوم متقطع لا يتجاوز ساعة ونصف أو 3، وعندما يأتي أقرباء لي أغلق الباب ولا أفتحه، بحيث أحيانا يظل أهلي يدقون الباب لساعة ولا أفتحه، يؤلمني هذا الموقف، لا أدري لماذا؟ وأصبح لدي وساوس تجاه كل شيء من الموت والكفرإلى الوضوء.

قررت في هذه السنة الصلاة وتحسين أحوالي، والحمد لله تحسنت بالقرآن، إلا أن رؤية كل هذه الأمور تشعرني بالحيرة! هل هو حسد أم مرض نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا أعتقد أن الذي بك هو حالة نفسية، ونحن نؤمن بوجود العين والحسد والسحر، هذا نؤمن به تمامًا، لكن حالتك هي حالة نفسية ولا شك في ذلك، إلَّا أن الإنسان دائمًا محتاج أن يُحصّن نفسه من خلال الصلاة والدعاء والأذكار وتلاوة القرآن، هذه من أعظم الواجبات، ومن أعظم الوسائل التي يجب أن يحافظ عليها الإنسان، وأنا سعيد جدًّا أنك قد كسبت معركتك مع الشيطان وبدأت الصلاة، وتلاوة القرآن، وإن شاء الله تعالى هذا سوف يعود عليك بخير كثير.

الخير فيك، هذا أمرٌ واضح جدًّا، فاجتهد في عباداتك، وحالتك إن شاء الله بسيطة. أنت ما شاء الله تحصلت على ثلاثة وتسعين بالمائة، وهذه نسبة عالية طبعًا لا شك في ذلك، وقررت الإعادة، والذي أتصوره أن توقعات في المرة الأولى كانت كبيرة، وحين تحصلت على هذه الدرجة الـ (93) وجدتها أنها غير تنافسية، وقررت الإعادة، وأعتقد بعد ذلك دخلتَ في شيء من عدم اليقين والوسوسة والمخاوف، وهذا قطعًا أضعف تركيزك، وأضعف رغبتك في الدراسة بجِدٍّ.

إذًا أنت تعاني من قلق المخاوف الوسواسي، ذو الدرجة البسيطة، وهذا يتطلب منك علاجًا دوائيًا، مهمٌّ جدًّا أن تتناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، ومن أفضل هذه الأدوية عقار يُعرف باسم (سيرترالين) موجود، وهو سليم، وغير إدماني، وغير تعودي. إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تستطع يمكنك أن تتحصل على الدواء من الصيدلية أو بأن يكتب لك أحد الأطباء غير النفسيين هذا الدواء.

السيرترالين تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة أربعة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة يوميًا – أي خمسين مليجرامًا – لمدة شهرٍ، ثم تجعلها حبتين يوميًا – أي مائة مليجرام – وهذه الجرعة العلاجية تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تنتقل إلى الجرعة الوقائية بأن تتناول حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا دواء فاعل، دواء ممتاز، دواء رائع، دواء سليم، وغير إدماني، وفائدته العلاجية سوف تظهر بعد أربعة أسابيع من بداية تناوله.

الأمور الإرشادية الأخرى وهي مهمة جدًّا هي: أن تكون دائمًا في جانب التفاؤل، أن تثق بنفسك، وأن تحسن إدارة وقتك، وأنا أنصحك بشيئين، هما: ممارسة الرياضة، والنوم الليلي المبكّر، هذا مهمٌّ جدًّا، حين تنام مبكِّرًا من الليل تتصحح أو تتحسَّن بصورة واضحة المسارات الكيميائية في الدماغ، وهذا يجعلك تستيقظ نشطًا، تُصلّي الفجر، التركيز يكون في أفضل حالاته، تقوم بالاستحمام ثم مثلاً تتناول الشاي، وتبدأ المذاكرة، في هذا الوقت يكن الاستيعاب فيه رائع، والبكور فيه بركة كثيرة جدًّا، والذي يبدأ يومه بهذه الكيفية قطعًا بقية اليوم سوف يسير معه بصورة انسيابية إيجابية جميلة جدًّا.

إذًا هذا مرتكز أساس حقيقة من أجل النجاح، وأنا ذكرتُ لك الصلاة وأهميتها، وذكرتُ لك الرياضة، ويجب أيضًا أن تُرفّه عن نفسك، هذا من حقك – أيها الفاضل الكريم – أي نوع من الترفيه على النفس، الترفيه الطيب والحلال والمباح مطلوب، النفوس تتكدّر وتتململ، لذا يجب أن نفتح محابسها من خلال أن نرفّه عن أنفسنا.

التواصل الاجتماعي، تكون بارًّا بوالديك ... هذا كله سوف يُساعدك كثيرًا، ونحن سعداء جدًّا بمشاركاتك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • هولندا علي

    استمع للرقيه الشرعيه شفاك الله فقد تكون مصاب بعين او سحر

  • المغرب فاتن

    كلماتها تصف حالتي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً