الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتصرف مع زوجي الذي لا يتحمل المسؤولية ويرفض عملي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة متزوجة منذ 20 سنة، وأم لخمسة أطفال، تحملت مع زوجي أعباء الحياة ومصاعبها من بداية زواجنا، فهو لا يتحمل المسؤولية، تحملت مسؤولية الأولاد ودراستهم وكل شيء.

المشكلة الكبرى بدأت منذ ثلاث سنوات، حيث خسر كل ما يملك ومكث في البيت، كانت علاقته بوالده سيئة جدا، دائم الشجار معه لعدم مسؤوليته في كل شيء، كل ممتلكاتنا يصرفها هنا وهناك، له علاقات نسائية كثيرة، وقد توفي والده وهو غاضب عليه.

لقد تحملت الكثير من جهته ومن جهة والدي، انقهرت من صرفهما علي، وفكرت في البحث عن عمل شريف أعول به بناتي، وظيفة، علما أن والديه شجعاني على ذلك، فاشتغلت بالتدريس.

المشكلة أنه رفض أن أعمل، وتشاجر معي وهجرني، وعاملني معاملة سيئة جدا في البيت، وأخبرني أنه غاضب علي ليوم الدين، وتشاجر مع والده، واتهمه أنه السبب في عملي، والآن بعد موت والده ورثه، وما زال على حاله، لا يتكلم معي ولا يعبرني، ماذا أفعل؟ أخاف أن أترك العمل ويقوم بتعذيبي والانتقام مني، علما أنه كان يرغب في الزواج بأخرى من قبل، أرجوكم أفيدوني، هل أترك العمل أم لا؟

علما أني لا أثق فيه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل التحايا لك.
سيدتي الفاضلة: إن الله سبحانه وتعالى جعل المودة والرحمة بين الزوجين لتسير الحياة الزوجية بينهما، وتظهر المودة والرحمة بالتعامل والاحترام، فالزوج يحترم ويعطف على زوجته، وهي بدورها تحترم ولا تفعل ما يزعج زوجها؛ فلذلك قال تعالى في كتابه الحكيم: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، وقال أيضًا: "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن"، أي أن الزوجة تستر على ما ترى من زوجها إلا ما كان معصية للخالق، وكذلك الزوج إن كره منها خلقًا أحب منها آخر، فعندما يجمع الزوجين المودة والرحمة؛ تكون العلاقة متينة بينهما يغمرها الحب والعاطفة والسعادة.

لم تخبرينا عن إيجابيات زوجك، أو إذا كان ينفق عليك وعلى بيته! وهل هو أب حنون على أولاده في وقت الصفاء؟ وهل يلبي احتياجات الأبناء؟ وما هي الأمور التي تختلفون عليها؟ مادية أم معنوية؟ وهل علاقتكما الحميمية على ما يرام؟ وهل لديكم مسكن خاص؟ كل هذه الأمور لو ذكرتيها تساعدنا إلى الوصول إلى فهم أعمق للمشكلة بينكما، وإيجاد الحل المناسب، ولكني -بإذن الله تعالى- سوف أجيبك على ما ذكرت لنا وأعطيك النصائح التي ترشدك إلى الصواب للحفاظ على مملكتك الزوجية، وهي كما يلي:

- أختي الكريمة، أنت متزوجة منذ عشرين عامًا، ولديك خمسة أبناء، وأنت أم مسؤولة عن حماية أسرتها من التفكك وتشتت الأبناء، فعليك أن تكسبي قلب زوجك باحترامك له، وأن تتغاضي عن زلاته، وتذكري قول الرحمن: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم" فهذه هي أخلاق المسلمين في التعامل مع بعضهم، فكيف إذا كان هذا الإنسان هو زوجك ووالد أبنائك؟!

- لا تعارضيه عندما يقرر بعض الأمور، وأظهري له أنه على صواب، وإن لم يعجبك قراره، وأعطيه مساحة من التحدث دون أن تقاطعيه عن كلامه وإن كان مخطئًا، فإن عودت نفسك على أن تتقبليه كما هو؛ فكوني على يقين أنه سوف يتقرب منك ويقدر لك هذه المعاملة، ومع الوقت سوف يتغير ويهدأ.

- لا تستخدمي الكلمات القاسية والجارحة خلال الحديث معه، ولا تعامليه معاملة الند للند، فعليك الانتباه أن الزوج العصبي والعنيد لا ينجح الحوار معه خلال عصبيته، وكل ما عليك هو فقط أن تتعلمي فن الإصغاء؛ فربما زوجك يعاني من ديون وضغوطات في العمل، ومشاكل مع بعض الأشخاص، وعند عودته إلى البيت لا يحتمل أن تجادله زوجته، وهذا مما ذكرت لنا حيث قلت:" منذ 3 سنوات عندما خسر كل ما يملك ومكث في البيت".

- كوني صديقة لزوجك بدل أنّ تكوني مراقبة، واسأليه عن المشاكل التي تواجهه، وارفعي من قدره في بيته وأمام الناس؛ فكل هذه الأمور تشعره برجولته التي فُطر عليها، ولا تنسي أنه صاحب القوامة في المنزل، وأن الله أعطاه القوامة لغاية لا يعلمها إلا هو جل وعلا، وأعطى الزوجة القلب الحاني والعطوف لتسعد زوجها وأطفالها، وأن تكون الشمعة التي تنير بيتها.

- اهتمي بنفسك ولا تهمليها مهما حصل بينك وبين زوجك، ولا تمنعي نفسك عنه، وأحسني تبعله؛ فهو له حق عليك، وهو واجب عليه أن يحافظ عليك ولا يقصر معك، واهتمي بكل ما يخصه؛ فهذه الأمور تقوي العلاقة بين الزوجين، والبيت هو مكان الراحة بالنسبة للرجل ليشعر بالسكينة والهدوء، وكل هذا سوف ينعكس على معاملته معك.

- احرصي على أن تحترمي زوجك أمام أبنائك، فالأب هو القدوة والمثال للأبناء، والتي تُبنى عليها شخصيتهم في المستقبل، فكثرة المشاكل بين الزوجين تؤثر سلبًا على نفسيتهم؛ مما يفقدهم الشعور بالأمان الأسري، وينعكس سلبًا على تحصيلهم العلمي، وربما يعانون من مشاكل نفسية في فترة المراهقة.

- عليك أن تلتفتي إلى حسنات زوجك، وأن تبتعدي عن الأمور التي تزيد من غضبه وهجره لك ومنها عملك خارج المنزل كمعلمة، وزوجك عندما لا يرى منك أي رد فعل سلبي خلال غضبه؛ تأكدي أنه سوف يتغير من تلقاء نفسه.

- ثقفي نفسك فأنت بحاجة إلى أن تقرئي عن فن التعامل بين الأزواج، وأهمية الحوار بينهما؛ وكل هذا سوف تجدينه على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تنسي الاطلاع على حقوق وواجبات كلا الزوجين من الناحية الشرعية؛ فالمعرفة والعلم نصف الحل.

- الزمي الطاعات من صلاة وزكاة وتلاوة للقرآن الكريم، وصدقة قدر المستطاع؛ فهي ترفع البلاء، وأكثري من الدعاء والاستغفار، واسألي الله أن يؤلف بين قلبك وقلب زوجك، وأن يهديه الصراط المستقيم، واصبري وأبشري خيرًا، وتذكري قول الرحمن: "وبشّر الصابرين".

أتمنى أن تعملي بهذه النصائح، وأن يكون شعارك من اليوم العفو والتسامح، ولطالما تحسنت أوضاع زوجك المادية بعد وفاة والده -رحمه الله- حيث قلت: أنه ورث من والده، واشكري الله على ما حباك من نعم وأنّ أموركم المادية أصبحت أفضل، وكل ما تحتاجينه هو جلسة مع نفسك لتعيدي حساباتك وأن تعرفي ما لك وما عليك من واجبات وحقوق، ونصيحتي الذهبية لـك هـي أن تضعـي جل اهتمـامـك لزوجـك وأبنـائك وبيتـك، وكل هذا من أجل أن تحافظي على صحتك النفسية والجسدية، وتذكري أن الأمور الذي أُهملت لسنوات عديدة لن تُحلّ إلا بالصبر والدعاء، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-عندما قال:" ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر"روها البخاري.

أسعدك الله أنت وزوجك في الدارين، ورضي عنكما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً