الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوساوس التي أتعبتني كثيراً؟

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

أنا فتاة بعمر ١٤ سنة، قبل عدة أيام كانت حياتي مستقرة، رغم أني كنت أعاني من الالتهابات المستمرة، لكني كنت سعيدة، ولكن بعدها أحس أن حياتي لم تعد كالسابق.

بدأت تأتيني أفكار تسبب لي ألم الرأس، وأحياناً أبكي بسببها، الأفكار هي أن أنتحر أو أقتل نفسي أو أقتل أمي، وأنا أبكي بسببها، منذ ذلك اليوم أصبحت أقلق دائماً، ويصيبني توتر شديد وأبكي، أعتقد أني أصبت بوسواس، ولكن لست متأكدة، علماً أني لا أصلي كثيراً، ولا أقرأ القرآن، فكيف أحل هذه المشكلة؟ لأني لا زلت صغيرة، وأريد أن أعيش حياتي بشكل طبيعي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

هذه الأعراض إن شاء الله نوع من القلق البسيط، أتتك بعد الالتهابات، لأن الإصابات البكتيريا أو الفيروسية كثيرًا ما يعقبها اضطراب واختلال في الحالة النفسية عند الإنسان، فقد يظهر القلق، الخوف، التوتر، الوسوسة، كل هذا قد يأتي، وهذه -إن شاء الله تعالى- أعراض عابرة ومؤقتة، وهي بالفعل ذات طابع وسواسي، هذه الأفكار الشريرة حول الانتحار وبقية ما ذكرته من فكر إن شاء الله تعالى لن يحدث أي شيء من هذا.

حقّري هذه الأفكار، وأكثري من الاستغفار، واجتهدي في دراستك، وزّعي وقتك بصورة جيدة، رفهي عن نفسك بما هو طيب وجميل، مارسي أي رياضة تكون مناسبة. تمارين الاسترخاء أيضًا مهمة جدًّا، لأنها تُقلل من القلق ومن التوتر.

التجاهل التام للأفكار مهمّ جدًّا، يعني: حين تأتيك الخاطرة أو الفكرة في بداياتها تُخاطبيها قائلة: (اذهبي، أنت فكرة حقيرة، أنا الحمد لله بخير، أنا مسلمة، أنا مؤمنة، أنا أحب أبويَّ، أنا إن شاء الله سأكون متفوقة في دراستي، سوف أكونُ متقنة لعبادتي، سوف أحرص على صلاتي ...) وهكذا، تحاولي أن تُسقطي فكر إيجابي مخالف للفكر الذي يشغلك، إسقاط الفكر على النفس هذا هو الذي أقصده، على الكيان الداخلي. ومن خلال هذه العملية الاستبدالية الفكرية تستطيعين أن تتغيري إن شاء الله تعالى، مع بعض التطبيقات التي ذكرتُها لك، والذي يُقصدُ بها صرف الانتباه. مثلاً: ممارسة الرياضة، الترفيه عن النفس، الجلوس مع الأسرة، الحرص دائمًا على بر الوالدين ... هذا كله فيه خير كثيرٌ لك.

لا بد أن تحرصي على الصلاة، قولك (أنا لا أصلي كثيرًا)، الصلاة ليس فيها الكثير أو القليل، (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا)، وهي مُحددة بخمس صلوات في اليوم والليلة، وهي فرض على كل مسلم ومسلمة، ومَن أراد أن يتطوع ويزيد من خلال النوافل فهذا أمرٌ جيد، لكن على الأقل الالتزام القاطع بالفروض الخمسة، لأن الصلاة مُريحة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وكان يقول لسيدنا بلال: (أرحنا بها يا بلال)، يعني بالصلاة ترتاح النفس، بالصلاة يطمئن القلب، بالصلاة وبذكر الله تنشرح النفس وينشرح القلب، والقرآن هو أعلى درجات الذكر، {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

هذا هو حلّ هذه المشكلة التي تعانين منها، وأنا لا أعتقد أنك في هذه المرحلة محتاجة لأي دواء، لكن لا قدّر الله إذا لم يحصل تحسُّنًا ملموسًا تحدّثي مع والدتك مثلاً واذهبي إلى الطبيب النفسي، ويمكن أن يصف لك أحد الأدوية السليمة جدًّا في عمرك، ومن أفضلها عقار يُسمَّى علميًا (سيرترالين)، أو عقار آخر يُسمَّى علميًا (فلوفكسمين)، لكن لا أراك في حاجة لها في هذه المرحلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً