الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ندمت على اختيار خطيبتي بعد العقد، فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم.

خطبت فتاة -ولله الحمد- ونعم الفتاة هي مثال للأخلاق والدين والعلم، وملتزمة بالحجاب الشرعي كاملا -غطاء الوجه-، وقد خطبت هذه الفتاة بعد البحث الطويل، وأيضا هذه المرة الثانية التي أخطب فيها، حيث إن المرة الأولى تم الرفض من جهة الطرف الآخر، وذلك بعد تلميح مني بعدم الرضى، وفي هذه المرة قد تم عقد القران على هذه الفتاة الطيبة -ولله الحمد- على توفيقه.

في بادئ الأمر تحديدا يوم النظرة الشرعية شعرت بارتياح تام لجميع الأمور والعقل والشكل (ولكن لم أتمكن من الإمعان والتدقيق في شكلها، حيث أن الجلسة لم تكن بأريحية ووقتها قليل)، ولكني طلبت نظرة شرعية مرة أخرى، وفي هذه المرة كانت بعيدة عني حيث إنني لم أتمكن من تفحص ملامحها بدقة (مع وجود الخجل من الإمعان في النظر)، ولكن الذي حصل هو بعد عقد قراني وتمكني من الإمعان فيها وجدت أنها غير جميلة كما أرغب أبدا، وبعد أن رأيت هذا قلت رغبتي بالاستمرار، والشعور الدائم بأنني تسرعت في عقد القران وأيضا الندم؛ لأنها تعلقت بي جدا بسبب أني أشعرتها بالأمان في أيام الخطبة التي استمرت شهرا؛ لأنني أنا أيضا تعلقت بها في تلك الأيام، ولكن بعد العقد قل التعلق بسبب قلة جمالها.

وكما هو معلوم فإن المعقود عليها بحكم الزوجة وهذا الذي يزيد من ندمي، أعلم يقينا أن المعيار هو الدين، ولكني أصبحت غير متقبل لشكلها للأسف، ونادم جدا على اختيارها، ويراودني شعور دائم بفراقها، لكن الذي يوقفني هو توابعه بالنسبة لها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُحقق لك السعادة والاستقرار، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

المواصفات المذكورة للفتاة التي قمت بخطبتها ثم تمّ العقد عليها مواصفات عالية، وحصول القبول والارتياح والانشراح في المرحلة الأولى هو الذي ينبغي أن نبني عليه، ولا عبرة للمشاعر السالبة التي جاءت لاحقًا؛ لأن هذا من الشيطان الذي لا يريد لنا الخير، والذي يُحزنه أن نأتي بالحلال، والذي لا يُريدُ لنا إلَّا الفحش والشر والقطيعة والعداوة وسوء الظن بين الناس.

فتعوّذ بالله من شيطانٍ همّه أن يُحزن أهل الإيمان، واعلم أن هذه الفتاة نموذج رائع للمرأة التي يمكن أن تسعد معها، وتُسعدها، طالما وُجدت الشروط الرئيسية وحصُلَ هذا الانجذاب من الطرفين.

وفتور المشاعر في المراحل المتأخرة له أكثر من سبب، فتارة يكون خوفًا من المسؤولية، وتارةً خوفًا من فراق الأهل، وتارةً خوفًا من نمط الحياة الجديدة.

وعمومًا: بعد الاختيار الأول والبهجة الأولى يتقدَّم العقل وتتأخَّرُ العاطفة، فلا تقف أمام هذا الفتور إن حصل، وابنِ على المشاعر الأولى، واعلم أن بنات الناس ليست لعبة، وتركك للفتاة بالمواصفات المذكورة لن تجني من ورائه الخير، ولن تجد بعد ذلك امرأة بلا نقائص ولا عيوب.

واستمع واستمتع بمعيار النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلقًا رضيَ منها آخر)، واعلم أننا رجالاً ونساءً لا نخلوا من النقائص، ولا نخلوا من العيوب، فمن الذي ما ساء قط، ومَن الذي له الحسنى فقط؟! ولكن طوبى لمن تنغمر سيئاته في بحور حسناته، واعلم أن جمال الجسد عمره محدود، لكنَّ جمال الروح بلا حدود.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأرجو أن تطرد هذه الأفكار جملة وتفصيلاً، واستكمل حياتك مع الفتاة المذكورة التي ارتاحت إليك وارتحتَ إليها، ولا تعوّد نفسك الدخول إلى بيوت الناس ثم الخروج، ولا تفعل مع بنات الناس ما لا ترضاه لأختك أو لعمَّتك أو لخالتك.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً