الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نعاس وخمول وفقدان ذاكرة .. هل أعاني من الصرع؟

السؤال

السلام عليكم.

أرجوكم ساعدوني، بداية أنا لدي عقدة من مرض الصرع، فلقد رأيت صديقتي تصرع وأنا طفلة ومن ثم جاءتني حالة هلع وأنا في المراهقة، وعملت عدة تخطيطات للمخ؛ خوفاً من الصرع، أكدوا لي الأطباء أنني سليمة، ومرت السنوات وتوظفت، وعشت أياما سعيدة إلى أن عملت حادثا مروريا وتعرضت لضربة على رأسي، ومن ثم أصابني الذهول والفزع بأن الضربة سوف تسبب لي الصرع.

شعرت بدوار خفيف واختفى، ومارست حياتي بشكل طبيعي إلا أن الأسابيع التالية كان لدي دور بسيط لا يذكر وزيادة في ساعات النوم، وبعد شهر وأسبوعين من الحادث بدأت أحس بإرهاق، وتعب، ودوخة شديدة، مع زغللة في العين اختفت مع الأيام، ولكن بعدها أصابتني حالة من النعاس شديدة لا تفارقني، وعشت أياما من شدة التوتر لا أرجع إلى البيت خوفا من أن يكون لدي صرع بسبب الضربة على الرأس.

راجعت عدة دكاترة، وعملت أكثر من ثلاثة تخطيطات للمخ، ورنينا مغناطيسيا، كلها سليمة، ولكن النعاس يضايقني، وأحيانا أستيقظ من النوم غير قادرة على الحركة، ولدي ألم بعضلاتي، وأصبحت أفزع وأنا نائمة، ذهبت إلى الدكتور، وقال: عندما تفزعين وتشعرين بالتعب عند الاستيقاظ وتنامين كثيرا فإنك مصابة بالصرع؛ فتدمرت وحاولت الانتحار، وفقدت وظيفتي وحياتي، وأصبحت أعيش في الشارع إلى أن تعرضت للتحرش، وحاولت الانتحار بلا جدوى إلى أن ذهبت إلى طبيبة ثانية، قالت: إن تخطيطك سليم، فأنت تعانين من متلازمة التعب الذي ليس لها علاج، وتدمرت أكثر.

ودكتور آخر قال: هذه متلازمة ارتجاج، وأن الارتجاج من الممكن أن يسبب الصرع، علما أن الضربة لم تسبب لي الإغماء، أنا لم أطلب منكم أن تطمئونني بأن الصرع له علاج إذا كان معي، أنا أطلب منكم أن تطمئنوني أنه ليس بصرع ولا متلازمة تعب، أكاد أن أجن، لماذا هذا المرض الذي أخافه بالذات؟

وأعاني أيضاً من ارتفاع في درجات الحرارة بشكل كبير، وأخذت (بروزاك) ولكن لم يذهب عني النعاس، أكاد أجن، الرنين سليم والتخطيط أيضا، فلماذا هذا النعاس؟ وهل هذا صرع؟ أرجوكم أجيبوا علي؟ من كثر فزعي ورعبي كل يوم أبلل فراشي فزعاً، وأعاني من غثيان وصداع في جبهتي، فهل هذا صرع أم أن الطبيب أخبرني بالخطأ؟

أصبحت أنام 18 ساعة من شدة النعاس، فقدت وظيفتي وخطيبي، وتعرضت للتحرش، آمنت بأني سأبقى طوال عمري أعاني من مرض مجهول متلازمة التعب والفايبروماليجا التي شخصت بها التي ليس لها علاج، أو احتمال أن يكون لدي صرع، وأنا مرعوبة، وأؤكد لكم أن تخطيطي سليم، أرجوكم ما الذي أعانية؟ ما سبب هذا النعاس؟ أعاني من هذه الأعراض منذ سنة، مع العلم أن الدوخة اختفت تماما، ولكن الذي يتعبني النعاس، والخمول، وضعف ذاكرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بادئ ذي بدئ أغير عنوان استشارتك بأن أقول: (أتمنى حياة طيبة). هذا أولاً.

ثانيًا: هذه التسمية التي اخترتها (أتمنى الموت) بتعريف نفسك ليس في مكانها ولا تليق، ومزعجة جدًّا، لأن المسلمة لا تتمنى الموت لضرٍّ أصابها، قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي).

ثالثًا: الموت آتٍ ولا شك في ذلك، الموت حقيقة ومآل كل نفسٍ، قال تعالى: {كل نفس ذائقة الموت}، وقال: {لكل أجل كتاب}، وقال: {كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}، وقال: {كل شيء هالكٌ إلَّا وجهه}.

رابعًا: الموت ليس أمرًا اختياريًا، الموت حق، والإنسان يجب أن يستعدَّ له، ويعمل للموت ولما بعد الموت.

خامسًا: قد تألمت كثيرًا لكلامك عن الانتحار ومحاولات الانتحار. الذي ينتحر قطعًا خاسر، خسر الدنيا والآخرة ولا شك في ذلك، ينقل نفسه من شقاء خفيف إلى شقاء شديد أبدي، لأن المنتحر بانتحاره أغضب الله تعالى، وغضب الله شديد، وقد وعد على لسان رسوله أن المنتحر في النار، يُعذب بما انتحر به في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها.

يجب أن تُصححي مفاهيمك، ويجب أن تكوني حذرة حيال هذه المفاهيم، الحياة طيبة، والحياة جميلة، والإنسان هو الذي يُغير نفسه، لا أحد يُغير أحدًا، {إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، والحياة هذه دار ممر لا دار مقر، دار ابتلاء وامتحان واختبار، {ليبلوكم أيكم أحسن عملاً}، ابتلاءات وأمور تمر على الإنسان في هذه الحياة ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وليعلم الذين آمنوا وليعلم المنافقين.

الآن الناس مشغولة جدًّا، إذا قام الإنسان وأدار شؤونه بصورة صحيحة فهذا أمرٌ يُشكر له ويُحمد له، بمعنى آخر: الناس ليسوا حقيقة لديها القدرة أن تُقدّم للآخرين، فيجب ألَّا نلوم الآخرين.

أيتها الفاضلة الكريمة: الذي لديك حقيقة يُشير إلى أن شخصيتك فيها شيء من عدم توازن أبعادها، وأنت لم تذكري عمرك، وحقيقة تحتاجين إلى مقابلة طبيب نفسي، مقابلة مباشرة لتتمَّ المناظرة الإكلينيكية، وبعد ذلك تُوضع الخطة الإرشادية العلاجية؛ هذا أفضل، لأن حالتك بالفعل تحتاج لمتابعة طبية نفسية.

قضية افتقاد الطاقات النفسية والجسدية والنعاس تدلُّ على وجود اكتئاب من نوعٍ مُعيّن، هو اكتئاب غير مُطابق، خمسة إلى عشرة بالمائة من الناس يأتيهم الاكتئاب بهذه الصورة: افتقاد الطاقات النفسية، كثرة النوم، وفي بعض الأحيان تناول الطعام أيضًا بشراهة، وعسر المزاج البسيط، افتقاد الدافعية، هذا كله قد يكون مطابقًا لحالتك.

أنا أعتقد أن ممارسة الرياضة سوف تكون علاجًا أساسيًّا جدًّا في حالتك، والطبيب يمكن أن يصف لك دواء غير البروزاك، إمَّا أن تتناولي الـ (ويلبيوترين) أو الـ (زولفت) والذي يُسمَّى علميًا (سيرترالين)، لأن أيضًا لديك هذه المخاوف وهذه الوسوسة حول مرض الصرع، وأنت لست مُصابة بمرض الصرع، إنما الذي أصابك هو وسواس ومخاوف وسواسية وليس أكثر من ذلك.

هذا فكرٌ يجب أن يُحقّر، يجب ألَّا تأخذي به أبدًا، عيشي حياتك بقوة، عيشي حياتك باقتدار، كوني إنسانة حريصة على صلواتك، حريصة على مستقبلك، عليك بالتفاؤل، عليك بحسن إدارة الوقت، والرياضة مهمّة جدًّا، وأنا أعتقد أن عقار مثل (زولفت) سوف يُساعدك كثيرًا، لكن أودُّ منك أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً