الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي المقربة تغيرت فجأة مما أصابني بالإحباط والألم!

السؤال

السلام عليكم..

تعرضت للخذلان من صديقتي المقربة من بعد١٣ سنة صداقة، تغيرت فجأة، وكانت تقول بنفسها أنا تغيرت وعليكِ تقبل هذا، ولا تحاسبيني، وأنغ دائماً أبدي الرغبة في رؤيتها، وهي لا تهتم، وتقابل أخريات، أهنت نفسي وكرامتي كثيراً، عندما ذهبت لبيتها تفاجأت؛ فلم تكن تبذل مجهودا حتى في محادثتي، وشعرت بأنها تريد أن تنهي علاقتها بي، ولكن لا تريد أن تجعل الخطأ يبدو منها!!

طلبت المساعدة من والدتها وأختها للإصلاح، لم يهتموا لأمري، والله يشهد أني لم أسبب لها أي أذى، بل كنت لها عوناً وأختاً وصديقة وفية ولم أتغير.

أنا أتألم كثيراً، وفوضت أمري إلى الله، وأحاول جاهدة أن ينزع هذا الشعور الذي وصل لكرهي لها من قلبي، وقمت بحظر رقمها وأي طريقة تواصل بها.

أنا أعلم أن هذا الأمر يحدث لكثير من الناس، ومنهم من ينسى ويكمل حياته، ومنهم من يقف ويتألم.

أريد أن أحيا حياة طيبة هادئة أنسى فيها من ظلمني، وأنسى فيها أي كدر أو حزن، ولله الحمد أني على درجة من التدين، وهدفي دائماً هو طاعة الله.

أريد أن أتجاوز أي أزمة أمر بها، وأمضي في حياتي ولا ألتفت للوراء.

أنا أعاني من إحباطات شديدة كل فترة في حياتي بسبب فقد أبي، وخذلان من صديقة عمري بدون سبب؛ مما أثر ذلك على نفسيتي، وسبب لي الكثير من الألم، وأثر على حياتي كمعلمة!

أعلم أن هذه الدنيا فيها الشر وفيها الخير، وكثيرا ما يقال عني بأني طيبة ومعطاءة، أريد أن أقتنع من داخلي أن كل شيء عابر وقابل للنسيان، فأنا نفسياً محطمة ولا أستطيع أن أستمتع بشيء، دائماً أجلس مع أهلي وأحاول أن أشغل نفسي بأي شيء حتى لا أفكر في ذلك، ولكن سرعان ما تتبادر تلك الأفكار السلبية إلى ذهني، فأحاسب نفسي وأقسو عليها كثيرا، فهل عندما أدعو ربي أن يعجل من لقائي به وهو راضٍ عني يعتبر حراما؟ فأنا لم أعد أستطيع أن أتحمل كثرة الخذلان والإحباطات المتكررة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fedaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نُرحب بك أجمل ترحيب.

غاليتي: في حياتنا نتعرض للكثير من المشكلات والمواقف غير السارة والمؤلمة وللظروف الصعبة والمؤلمة أيضاً؛ مما يسبب لنا الكثير من الألم والحزن والإحباط، فنشعر وكأن باب الأمل بات مغلقا، ولكن هذه مرحلة فقط ونمر بها، ويجب علينا أن لا نغرق فيها، وذلك من خلال طرد اليأس، وإدراك أن بقاء الحال من المحال، فما نعيشه اليوم من إحباط وألم بإذن الله لن يدوم، وأنه كلما ازداد الكرب والألم والضيق اقترب الفرج بإذن الله تعالى، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الحكيم: "حتى إذا أستيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا جاءهم نصرُنا فنُجِي من نشاء ولا يُردُ يأسُنا عن القوم المُجرمين".

فلذلك بنيتي عليك بالإصرار والعزيمة على تغيير ما أنت عليه، والخروج من هذا الحزن، كما أنه عليك أن لا تتوقعي أبداً أن يتماشى واقعك الذي تعشينه مع أفكارك المثالية أو التي تصل بك إلى الكمال الفكري، بل حاولي أن ترسخي في نفسك فكرة بأن البشر هم بشر... ولا يوجد كمال في البشرية، فجميعنا ممتلئون بالعيوب التي يجب أن نسعى لإصلاحها، ولا يجب أن نضيع العمر القصير في حالات الاكتئاب أو اليأس؛ مما يؤثر ذلك بشكل سلبي على حياتنا التي سنعيشها، فالحياة يا بنيتي ليست رحلة خالية من المتاعب والمصاعب، لذلك أطلب منك أن تحاولي بكل ما لديك من عزم وإرادة أن تتكيفي مع ما يحيط بك، ومما سيساعدك في ذلك قراءة قصص بعض الناجحين في مشوارهم، فقفي على ماهية أخطائهم التي وقعوا بها حتى تتجنبيها، وكيفية تخطيهم للمصاعب.

*ابحثي دائماً عن الإيجابيات في أي موقف تمرين به، ولا تهتمي أبداً لمن يحاول إحباط عزيمتك، بل كوني واثقة من نفسك وتحملي نتيجة ما تتخذينه من قرارات، وهنا أذكرك غاليتي أن الثقة في النفس هي من الصفات المكتسبة والتي بإمكانك التدرب عليها، وذلك من خلال تطوير نفسك ودعمها بالإيجابيات، بالاضافة إلى التعرف على عيوبك والعمل على إصلاحها، والتخلص من كل المشكلات التي تواجهك؛ فذلك يساعدك في عدم التقليل من نفسك وقيمة ذاتك .

*توقفي عن انتقاد ذاتك حتى لا تدخلي في حالة من الإحباط والاكتئاب، ويمكنك تحقيق ذلك من إشغال ذهنك بأي أمر يشغلك كالقيام بصنع الحلوى، أو مشاهدة التلفاز والتركيز معه إلى أن تمر مرحلة الأفكار السيئة، وتعودي مرة أخرى إلى الخط الذي وضعته لنفسك.

*قومي بالتعرف على ذاتك وإمكانياتك، وحددي أهدافك، وارسمي الخطط للوصول إليها، كما حاولي إستغلال القصص المحيطة بك للتعلم والاستفادة من الخبرات، والحصول على الدعم من القريبين منك.

*استخدمي بعض الطرق في التهدئة الذاتية وذلك من خلال أخذ شهيق عميق وزفير بطيء.

*حاولي أن تحلي مشاكلك وتفريغها أولاً بأول؛ وذلك من خلال الفضفضة والتحدث لأي شخص تثقين به ويستطيع نصحك.

*قومي بالخروج إلى الأماكن العامة المفتوحة التي فيها المناظر الطبيعية الجميلة؛ فذلك يساعدك في التعبير عما يجول بخاطرك في حرية تامة.

*دربي نفسك على استيعاب المشاكل اليومية، وذلك باسترجاع الذاكرة بأن هذا الموقف المحبط قد ألم بك من قبل وأمكنك التغلب عليه... إذاً فباستطاعتك التغلب عليه مرات عديدة بحول الله تعالى.

*أطلب منك أن تبسطي الضغوط النفسية ولا تعظميها، وتعاملي مع أي مشكلة على أن لها حلاً حتى وإن كان سيحدث في وقت التفكير بهدوء واسترخاء.

* أشغلي نفسك بممارسة الهويات؛ لأنها تنقلك إلى حالة مزاجية أكثر سعادة.

* انضمي إلى جمعيات تعنى بالأعمال الخيرية فسعادة الآخرين يشعرك بالسعادة ويبعدك عن التفكير بمشكلتك والتركيز عليها.

*يجب أن نتذكر أن دوام الحال من المحال، وأن بعد العسر يسراً، وأن الوقت كفيل بإنهاء هذه الحالة المزاجية السيئة.

*اهتمي بصحتك الجسدية بالغذاء الصحي والمتنوع وبممارسة الرياضة، الانتساب إلى مراكز حفظ القرآن الكريم، الخروج مع العائلة في نزهات بالطبيعة، تجنب العزلة لأنها تترك مساحة كبيرة للأفكار السلبية، وتزيد من الحزن العميق.

وفقك الله لما يحب ويرضا ونور بصيرتك ورفع شأنك، فأنت تستحقين التميز والحياة يا Fedaa

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً