الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أسيطر على سوء التفاهم الذي يحدث بيني وبين زوجي؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي مع زوجي في كل مشاجرة تحدث بيننا يهددني بالطرد من بيتي، مع العلم أننا نقيم في دولة أجنبية، فأنا متزوجة منذ 15 سنة، ولدي أربعة أبناء، وتعبت من المشاجرات والشتائم لأتفه الأسباب.

أنا محافظة على بيتي ولا أخرج من البيت إلا معه، مع العلم أنه لا يمنعني من الخروج، ولكن أنا لا أحب الخروج لوحدي من البيت، يساعدني في أعمال البيت ولكن سرعان ما يمن علي أنه ساعدني، والأمر الذي يجرحني كثيرا عند أي كلمة أو سوء تفاهم يقول لي: ارحلي الباب واسع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم صهيب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاُ ومرحباُ بك.

عزيزتي: هدئي من روعك.. إن العلاقة الزوجية تحتاج إلى الماء والهواء، مثلها مثل الورد الذي نعشق رائحته، وهكذا الحب الذي تفوح رائحته من خلال المودة والرحمة التي لا تسير دفة الحياة الزوجية بدونهما، فالقلب هو منبع الحب، والتعامل بلطف واحترام هو سلوك يعبر عن وجود الرحمة بين الزوجين.

والزوج هو صاحب القوامة والنفقة، وله حقوق عليك، كما عليه واجبات تجاهك، وهذه الضوابط الشرعية التي وضعها ديننا الحنيف، والتي أوصانا بها ربنا الكريم، وأخبرنا عنها الحبيب المصطفى ونور الهدى حيث قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" وطاعة المرأة لزوجها من طاعة الله العزيز الجبار، وذلك ما لم يأمرها بمعصية، والزوجة والزوج مأموران أن يكونا سترًا للآخر وعدم إفشاء أسرار حياتهما الزوجية الخاصة والعامة على حد سواء، فالله جل وعلا قال: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}، وحتى لو كان لدى أحدهم عيوب أو أخطاء.

وكم هو مؤلم أن تتعرض الزوجة إلى ألفاظ نابية! فالمرأة بطبيعتها مشاعرها جياشة، ودموعها سخية، بخلاف الرجل الذي تسبقه خشونته وجفاء الكلام، وهدفي من جوابي على استشارتك هو أن أنصحك وأرشدك إلى التصرف الصحيح، وأن لا تجعلي هذا العيب الذي يعاني منه زوجك يفقدك أجر الصبر على البلاء.

أود أن أسألك: ما السلبيات والإيجابيات التي في شخصيتك؛ سواء في التعامل مع نفسك أو زوجك؟ وهل لدى زوجك من الإيجابيات حتى احتملته كل هذه السنوات؟!، أرجو أن تتذكري إيجابيات زوجك.

ذكرت لنا أن من إيجابية زوجك:" يساعدني في اعمال البيت، هو لا يمنعني من الخروج"، وهذا دليل أن زوجك يحبك ويقدرك ويحافظ عليك.

لم تخبرينا ما هي المواقف التي تحدث لتصل به الأمور إلى ما ذكرت لنا:" يقول لي ارحلي الباب واسع"و" كل مشاجرة يهددني بالطرد من بيتي"، وخاصة أنكم تعيشون في بلد أجنبي ولا يخفى على أحد ما للمرأة من حقوق تتنافى مع ديننا الحنيف، وربما أنت تتلفظين ببعض الكلمات وعن غير قصد وتتباهين أمامه بهذه الحقوق ما أدى إلى التقليل من شأنه؛ مما أثر عليه أو انتقص من رجولته وهز مكانته أمام الأبناء.

غاليتي: إن الله أنعم عليك بالزواج والبنين، والرضا بما قسم الله لنا يساعدنا على تجاوز الخلافات الزوجية والتغاضي عنها، وإضاءة الشموع العاطفية على المواقف الإيجابية في حياتنا اليومية؛ لنستشعر بدفء المودة والرحمة والحب، وممارسة العلاقة الحميمية التي هي عنصر أساسي في "عقد النكاح". وربما تسألين: ماذا علي أن أفعل للوصول إلى هذه الرفاهية في العلاقة الزوجية؟!

والواجب على كلا الزوجين أن يعامل بعضهم البعض بالمعروف، كما قال العزيز الغفار: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا"، وأنّ يكونا قدوة حسنة أمام الأبناء.

والله أعطى الزوج القوامة على بيته، وهو الراعي عليه، فينبغي على الزوجة أن تحترمه، وأن تخاطبه بالأدب، وتطيعه بما يرضي الله، وفقدان احترام الزوجة لزوجها يؤدي إلى المشاكل الأسرية، والتقليل من شأن الزوج يقتل أشياء جميلة بين الزوجين، ومنها المشاعر والعواطف؛ والتي تسبب الجفاء العاطفي؛ مما ينعكس على العلاقة الحميمية بين الزوجين.

نمي قدراتك، واقرئي كل المواضيع التي تنور ذهنك وتزيد من وعيك، وركزي على المواضيع التي تتكلم عن الحقوق والواجبات الزوجية، واعتني بتنمية ثقتك بنفسك، واعلمي أن المسلمين أعزة عند ربهم، والمسلم القوي خير من المسلم الضعيف، فكوني امرأة وزوجة وأمًا مميزة ومتميزة في بيتها وفي علاقتها بزوجها وفي تربيتها لأبنائها، كوني المرأة النموذج في المجتمع الإسلامي.

وأنا أقول لك :أن تتوكلي على الله العزيز الجبار، وتتبعي هذه النصائح، وحاولي جاهدة العمل بها؛ من أجل إنقاذ الحياة الزوجية، وسوف تجنين ثمارها في القريب إن شاء الله.

قراءة بعض الكتب على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتحدث عن آداب الحوار بين الأزواج، وعن أهمية الاهتمام والاستماع وعدم المقاطعة أو السخرية.

عليك أن تدركي جيدًا، وتسعي جاهدة إلى تصحيح وإصلاح العلاقة مع زوجك قبل أن يفرح بكما الشيطان، ويظن أنه انتصر في تدمير بيت من بيوت المسلمين.

عليك أن تستخدمي العبارات التي تدل على الاحترام، مثل: لو سمحت حبيبي، بعد إذنك، أو أن تأخذي رأيه بأمور المنزل وحاجات الأبناء، واسأليه إذا كان يرى أنها ضرورية أم لا، وعدم استخدام أسلوب السخرية والاستهزاء عند رفضه لأي شيء، وتقبلي الأمر بلطف، وأشعريه أن راحته تهمك، فمتى شعر الزوج بهذا؛ ازداد تقربًا منك.

عند الجلوس مع زوجك لا تتركي وساوس الشيطان تحول بينك وبينه، وركزي على كسب ثقة زوجك، وطمئنيه بأنك ما زلت بحاجة إليه، وأشعريه بمكانته في قلبك، واسترجعي الذكريات العزيزة والجميلة بينكما، وما حصل في فترة الخطوبة، وفي بدايات الزواج؛ ربما بعد هذا الحديث تذوب الخلافات تدريجيًا إلى أن تنتهي بإذن الله تعالى.

ادعي لزوجك في صلاتك، وأكثري من الاستغفار، وحافظي على أذكار الصباح والمساء.

وأخيراً وخير ما أوصيك به: احرصي على تربية أبنائك تربية إسلامية صحيحة قائمة على الأخلاق، والاتفاق مع زوجك والحفاظ على الأبناء من الانحراف والضياع في بيئة مليئة بالاغراءات والمباحات، ولا تنسي أن هناك فروق جوهرية بين التربية الشرقية والتربية الغربية وهذا ما يشكل هاجساً يؤرق الأسر العربية والاسلامية في تلك البلاد..فليكن هذا هو هدفك وهمك الأكبر.

أسأل الله لكما سعادة في الدارين، ومرافقة نبيه -عليه الصلاة والسلام في أعالي جنانه يا أم صهيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات