الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعجبت بي فتاة تصغرني بـ 17 سنة فأحببتها .. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أود أن تنصحوني فأنا أتخبط وأحس بعذاب الضمير، مشكلتي هي أن فتاة صغيرة جدا في عمر الخامسة عشر تحبني، حاولت أن لا ألقي لها بالا؛ لأنها صغيرة وأنا أكبر منها بسبعة عشر سنة، لكنها وكل ما تأتيها فرصة إلا وتحدق بي، وترسل إلي إشارات الإعجاب، وأنا أتجنبها.

لكني الآن لم أعد أسيطر على مشاعري، كما في السابق وأصبحت أميل إليها، بل ومعجب بها بشدة، أصبحت أشمئز من نفسي، أحيانا بسبب صغر سنها، وألوم نفسي ربما نظرت إليها في يوم من الأيام نظرة جعلتها ترسم أوهاما في ذهنها.

أحيانا أظن نفسي مراهقا، مع العلم أنه من المستحيل أن أتزوجها في حال ما أردت ذلك بسبب الفارق الكبير بيننا.

أرجوكم انصحوني، فأنا في دوامة لم أرد الدخول إليها أبدًا.. نصيحة طيبة تكون في ميزان حسناتكم، والله المستعان، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل في الموقع، ونشكر لك التواصل والسؤال، فإنما شفاء العيِّ السؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على غض بصرك، وأن يُعينك على البعد عن هذه الفتاة وغيرها، واعلم أن

كل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر

كم نظرة فعلت في نفس صاحبها *** فعل السهام بلا قوسٍ ولا وترٍ

يَسُرُّ ناظره ما ضرَّ خاطره *** لا مرحبًا بسرورٍ عاد بالضرر.

لا شك أن النصيحة تبدأ بتذكيرك بالله تبارك وتعالى، وضرورة التقدم بالطريقة الشرعية أو التوقف، فإمَّا أن تأتي لدار هذه الفتاة من الباب، وتطلب يدها بطريقة رسمية، وإلَّا فعليك أن تبتعد اللحظة، ولا تنتظر الغد؛ لأن الأعمار بيد الله، فكم من إنسان ظلَّ ينتظر الفجر وخرمت به أيام العمر قبل مجيء الفجر، والأمر ليس بالسهولة.

ولذلك أرجو أن تنظر لهذا الأمر نظرة شرعية، وعليك أن تخاف من الله تبارك وتعالى في أن تستمر في أي علاقة أنت تُصِرُّ أنها لا يمكن أن تنتهي بالزواج، ولذلك إمَّا أن تتقدّم بطريقة رسمية لتُقبل أو تُرفض، لتحسم هذا الأمر، وإمَّا أن تتوقف الآن فورًا، وأرجو ألَّا تمضي مع هذه العواطف، فإن المضي في هذا السبيل يضرُّ الفتاة ويضرُّك أيضًا، يضُرُّ الفتاة لأنه يشوش عليها، وقد يحرمها السعادة في مستقبل أيامها، وهو خصمٌ على سعادتك أنت أيضًا لأنه أولاً معصية لله.

فعليك أن تنصح لنفسك، وتنصح للفتاة بالبعد عنها، حتى تستقبل حياتها، وإذا قررت أنت أن ترتبط أيضًا لا بد أن تتوقف حتى يكون هناك غطاء شرعي للعلاقة، والغطاء الشرعي بأن تأتي لدارها من الباب، وتطلبها بطريقة رسمية، فإذا نلت الموافقة من أسرتها، ولا أظن أن في فارق العمر إشكالا إذا رغبت في الارتباط، ووافق أهلها، ورضيت الفتاة، فإن هذا الميل لا يعرف الأعمار، الحب لا يعرف فوارق العمر، ولكن من المهم أن تكون العلاقة من أولها إلى نهايتها منضبطة بقواعد الشرع.

مهما يحصل لك وللفتاة في حال الانقطاع والتوقف فإن ما ينتظر في حال التمادي والاستمرار في المعصية والمجاملة والاستمرار في المخالفة هو الكارثة، هو الأمر الذي قد يُذهب عنكم – والعياذ بالله – سعادة الدنيا والآخرة، فاتق الله في نفسك، وابتعد عن هذه الفتاة؛ لأنك تقول (مستحيل أن تتزوجها)، ونحن نقول: إذًا لا يجوز لك أن تميل إليها أو تُجاملها أو تخدعها طرفة عين، ولا تفعل مع بنات الناس ما لا ترضاه لأخواتك أو لعمَّاتك أو لخالاتك.

أتمنَّى أن تكون النصيحة قد وصلت، ونحن نشكر لك هذا الحرص الذي دفعك للسؤال، ولولا ما فيك من الخير لما توجّهت إلى هذا الموقع، ونعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى فتوى، فالإثم ما حاك في صدرك وتلجلج فيه وكرهت أن يطلع عليه الناس.

فنسأل الله أن يُعينك على التخلص من هذه العلاقة أو وضعها في إطارها الشرعي الصحيح، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً