الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهرب من كل شيء وحماسي للحياة يتلاشى، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الهروب أمر مزعج للغاية، ولكنني أهرب من كل شيء لناحية الهوس، لا أعلم كيف أعبر عن هذه الفلسفة.

لقد بدأت دافعيتي تتلاشى، لماذا أذهب إلى المدرسة؟ لماذا ندرس تلك العلوم الدنيوية؟ هل هي مفيدة حقاً؟ كل هذه التساؤلات تأسرني، وأنا لا أعرف من أنا ومن أكون؟! أنام نوماً سريعاً مليئاً بالحسرة، بلا أحلام أو شعور أو دموع.

بداخلي ألم يحرق قلبي ونبضي، أحببت أن أقرأ عن الأمور الغريبة، عن شتى القضايا الإسلامية، ولكن حينما أتت المدرسة بدأت أشعر بالبرود في كل شيء.

أنا أتساءل الآن فقط، هل ستفيدني وظائف الأعمال الدنيوية؟ أشعر بأن الدنيا عبارة عن وهم يدعى (الرأسمالية)، أشعر بأني أريد مساعدة الجميع ولكنني أفشل، وبالمقابل أنا لا أساعد نفسي البتة.

لا أدري أصبحت مؤخراً لا آكل جيداً، دماغي مهووس بالهاتف وبحطام وشر هذا العالم، وعلاقاتي الاجتماعية غائبة عن الوعي.

نسبة انطوائيتي (92) وربما أكثر! لا أعلم إن كنت أحب الحديث مع الناس أساساً أم لا؟ أشعر فقط بأنني أريد أن أذهب إلى المنزل حيث أرهق نفسي بالتفكير سدىً، بتضييع الوقت ولا ألبث حتى أرى بأنني سهرت الليل بأكمله ولم أنم إلى الصباح.

هذا الأمر يرهقني ويؤلمني ويجعلني أشعر بالارتياح الكاذب والأسى، وحقيقة أنا لا أستطيع فهم الاجتماعيين، فهم غريبو الأطوار بالنسبة لي، يقومون بمصادقة الكثير من الأشخاص، حيث أشعر فقط بأن العمق في هذه العلاقات محتضر ولا وجود له، وأنا أكره السطحيات؛ لذلك الجلوس وحدي دائماً هو أفضل من حديث سطحي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ grean حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنتِ تمرين بمرحلة عمرية حرجة وهي فترة المراهقة، وللأسف أن معظم الناس يركزون في هذه المرحلة على التغييرات الهرمونية والجنسية، ولا يذكرون التغييرات النفسية التي يشعر بها المراهق.

في هذه المرحلة يشعر المراهق بالتناقضات في معظم الأشياء في حياته، ودراسته، وفي التعامل مع الآخرين، وتعامل الآخرين معه، وغيرها الكثير، ودرجة تأثير هذه التناقضات تتفاوت من شخص إلى آخر، فترين من يتأثر بالتغيرات الفكرية، فيتبع فكرًا ما، أو يتخلى عن فكر آخر، وبالتالي حصيلة هذه التغيرات والتناقضات والفوضى الفكرية التي يمر بها المرافق، حصيلة ذلك بروز شخصية هي نتاج ذلك كله.

فيما يلي مجموعة من الأفكار التي ستقلل من المشاعر والأفكار السلبية المذكورة:
- نظمي وقتك، بحيث لا يكون فيه فراغ، والأفضل بناء برنامج لليوم التالي كل مساء، واكتبي ماذا ستفعلين وحددي الفترة الزمنية لكل شيء، وحاولي أن تلتزمي به، وضمني البرنامج نشاطات عملية مفيدة.

- بالنسبة لدافعية الدراسة: لا تؤجلي الدراسة والواجبات، بل قومي بإنجاز كل ما هو مطلوب منك، فهذا سيثير فيك الالتزام والرغبة في التعلم.

- صممي برنامجاً لدراستك، يتضمن الأيام، وساعات الدراسة، وساعات الفراغ والترويح عن النفس.
- صممي قوائم تُبين مدى الإنجاز أثناء الدراسة بحيث يتم تثبيت الوحدات أو الصفحات المُنجزة لكل مادة.

-  الانتهاء من الدراسة أولاً ثم ممارسة الهوايات المفضّلة.

-قراءة الكتاب المدرسي بإتقان وتركيز، ومراجعته قبل الذهاب إلى المدرسة.

- تكرار المادة التعليمية؛ لأن كثرة التكرار تساعد على الحفظ.
- اختاري بعض الزملاء وراجعي معهم المادة العلمية، فهذا سيشجعك ويوجد فيك حب التنافس.

- مارسي الرياضة التي تحبينها، وخصصي لذلك وقتاً محدداً ضمن الجدول اليومي.

- قللي من جميع مشتتات الذهن، وأهمها: (الهاتف الذكي وما يتضمنه من برامج تواصل اجتماعي، وتطبيقات للعب،...).

بالنسبة للعمل في الدنيا، لا أحد فينا يعلم ماذا سيحدث في المستقبل، ولكننا نجتهد بالدنيا للوصول إلى حياة هانئة ومريحة، يقول الله تعالى: ( قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65، وقال سبحانه: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) الأنعام/59.

- فكري بطريقة عقلانية، وانظري إلى الأمور نظرة إيجابية، مثلا: بدلاً من أن تقولي سأفشل، قولي: سوف أجتهد وأنجح، فهناك الملايين من الناس الذين ينجحون في حياتهم، ويتزوجون وينجبون، ويبنون البيوت، وغيرها من وسائل العيش.

- اعملي لكل مرحلة من حياتك، وأعطيها القدر الكافي من الاهتمام والجهد، ففي مرحلة الدراسة، فكري في الدراسة، وعند البحث عن عمل فكري بطبيعة العمل ومكانه ومردوه المالي، وهكذا في كل شؤون حياتك، فلكل مرحلة من مراحل حياتك أولويات وواجبات تستجد تبعاً لطبيعة الظروف التي تمر بها في تلك المرحلة.

بالنسبة للانعزالية، لا تنعزلي عن الآخرين، وإذا كانت مجموعة من الأشخاص قد رفضوا التعامل معك، فهذا لا يعني أن العالم خال من أشخاص يتقبلونك، لذا، ابحثي عن الصحبة الحسنة الطيبة، اللاتي يعاملنك بأخلاق الدين، وتواصلي معهن في نشاطاتهن، فهذا يجعلك أكثر انفتاحاً ويكسبك مهارات التعامل مع الآخرين.

- تفاعلي اجتماعياً مع الناس على اختلاف تفكيرهم، وليس بالضرورة أن تتبني هذا الفكر أو ذاك إذا جلست مع مجموعة "لا تشبهك"، ولكن هذا التفاعل يجعلك أكثر اطلاعاً وخبرة في معظم نواحي الحياة ويوسع من مداركك وتصبحين أكثر صلابة في مواجهة المشكلات.

- اصغي جيداً لمن يتكلم معك، ولا تقاطعيه، وتوصيل الفكرة المناسبة يجب أن يتم في الوقت المناسب وإلا ضاعت قيمة الفكرة.

-أثناء إصغائك لحديث شخص ما، عليك أن تبدي اهتماماً لما يقوله واحرصي على التواصل بصرياً معه، وقومي بتلخيص النقاط الجوهرية في ذهنك لكي تتمكني من الرد عليه بطريقة مباشرة تُحاكي صلب الموضوع، وهذا يجنبك الدخول في دائرة التشويش أو نسيان ما قاله ذلك الشخص.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً