الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من مشاكل في النطق والصوت

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عشريني أعاني من بعض المشاكل التي سببت لي عقدة في حياتي، فأصبحت معزولا عن الناس، أرجو المساعدة جزاكم الله خيرا.

عندما أكون في مكان معزول صوتي يبدو مسموعا وواضحا، لكن عندما يكون الضجيج أو في مكان به العامة يصبح صوتي ضعيفا أو غير مسموع، خصوصا الحروف (ر، د، ط)، تكاد لا تُسمَع، مما يجعلني لا أشارك في الحوار عندما أكون في المقهى مع أصدقائي، مما سبب لي عقدة نفسية فأصبحت أشعر بالخجل، ولا أستطيع أن أعبر عما بداخلي.

بعدها دخلت في مرحلة الوسواس، خصوصا عندما أصبحت مقبلا على العمل، فبدأت أبحث عن سبب هذه المشكلة، فبدأت أشك في كل شيء من القمع الذي تعرضت له في الصغر من طرف إخوتي ووالدي، من ربط اللسان، من الأسنان، وغيره.

ذهبت لطبيب (أذن أنف حنجرة) وقمت بإزالة رابط اللسان، بعدها بدأت أنطق حرف الراء في قليل من المواضع، ولكن لا زالت مشكلة الصوت غير المسموع في الأماكن العامة، أحس كأن لساني ثقيل، وأتكلم بصعوبة، حالتي الآن يرثى لها، أصبحت معزولا ولا أتحدث مع أحد، أعاني من وساوس لا تنتهي واكتئاب، مع العلم أن صوتي رقيق مقارنة بسني.

أرجو مساعدتي لكي يصبح صوتي مسموعا في الأماكن العامة، خصوصا الحروف (د، ر، ط) ويصبح صوتي خشنا ولساني خفيفا، مع أن حالتي المادية لا تسمح لي بالذهاب لطبيب التخاطب.

شكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية، أسأل الله العظيم أن يفك هذه العقدة من لسانك ليفقهوا قولك.

أنا أعتقد أن الأمر كله قلق وسواسي أكثر من كونه شيئا عضويا أو فسيولوجيا، وهذه الوساوس ربما يكون أيضًا نشأت من بعض المخاوف الاجتماعية القليلة، ربما لديك رهاب اجتماعي بتعريفاته المعروفة.

أيها -الفاضل الكريم-: أرجو أن تحقّر هذه الفكرة، أرجو ألَّا تراقب نفسك حين تتحدث في وجود الآخرين، وأنت ذكرت أنك لا تتحدث كثيرًا، أو تتجنب المشاركات، هذا خطأ، هذا يُشجع الوسواس، ويأتي بالرهاب، ويُقلِّل من كفاءتك النفسية، ويهز من ثقتك في نفسك، فأرجو أن تكون لديك مشاركات في مثل هذه اللقاءات، ولا تُقلل من قيمة ذاتك أبدًا، وهناك فنون معينة للتواصل:

أهمها أن تراعي تعابير وجهك حين تتحدث، واعلم أن تبسُّمك في وجه أخيك صدقة، هذا أمرٌ طيب جدًّا، أيضًا نبرة الصوت حاول بقدر المستطاع أن تكون عالية، مسموعة، مهذبة. كذلك لغة الجسد، خاصة حركة اليدين. هذه أشياء مهمّة جدًّا، أرجو أن تتدرب عليها.

وأنا أريدك أيضًا أن تدرب نفسك من خلال ترتيب القرآن الكريم، احرص على أن تجلس مع أحد المشايخ لتتعلم تجويد القرآن، وبعد ذلك دائمًا اقرأ وردك القرآني في البيت بصوتٍ مرتفع، وقم بتسجيل ما تقرأه ثم الاستماع إليه، في كل مرة سوف تجد أن هنالك تحسُّنا كبيرا جدًّا في مخارج الحروف، وفي طريقة نطقك، وهذا سوف يعطيك المزيد من الثقة في نفسك.

أريدك أيضًا أن تلجأ لما نسمّيه بالتعريض في الخيال مع منع الاستجابة السلبية، وفي مثل هذه التمارين تجلس في الغرفة، تكون جالسًا على كرسي، ثم تتصور نفسك أنك أمام جمع كبير جدًّا من الطُّلاب أو الأساتذة، وتُقدِّم لهم عرضًا (برزنتيشن presentations)، وطبعًا كن واقفًا، وحضّر موضوع مُعيَّن، وابدأ في عرضه، كأنك تواجه هذا الموقف، هذا نسميه بالتعرض في الخيال، وهو مفيد جدًّا.

هذه التمارين (تمارين التعرض في الخيال) يجب ألَّا تقل عن ربع ساعة إلى عشرين دقيقة.

تمرين آخر هو: احرص على الصلاة مع الجماعة، وأن تكون خلف الإمام، حين تكون خلف الإمام أريدك أن تأتي بخاطرة إلى نفسك أنك سوف تنوب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ، وهذا أمرٌ معروف في الشرع، هذا طبعًا قمة التعرُّض والتعريض، لكن هذا حادث ربما يحدث، كثِّف خيالك في مثل هذه الأشياء، وهذا سوف يُقلل تمامًا من قلقك.

تمارين آخر ممتاز جدًّا، وهو: ممارسة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم أو كرة السلة مثلاً، هنا يحدث تفاعلاً اجتماعيًّا كبيرًا جدًّا، ينطلق فيه الإنسان لغويًّا وبصورة لا شعورية.

فهذه تمارين كافية جدًّا، تمارين مهمة جدًّا، -وإن شاء الله- مفيدة جدًّا، وأنت لست في حاجة لأن تذهب إلى أخصائي النطق، الحروف التي تجد صعوبة في نطقها -وهي: الدال والراء والطاء- حاول أن تتخيّر كلمات، مائة كلمة، تبدأ بكل حرف من هذه الحروف وتُكررها.

أريد أيضًا أن أصف لك دواء بسيطًا وفاعلاً وممتازًا ويُساعدك على القضاء على هذه المخاوف، الدواء يُسمَّى تجاريًا (سبرالكس Cipralex) واسمه العلمي (استالوبرام Escitalopram)، تبدأ في تناوله جرعة خمسة مليجراما يوميًا، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما، تناولها لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة يوميًا لمدة ثلاثة أشهرٍ، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً