الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالوسواس، وبفراغ ديني وأنني غير مؤمنة، فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، أبلغ من العمر ١٨ سنة، ابتليت بالوسوسة وخاصة بالدين، أشعر نفسي كأني كنت في حلم وعندما استيقظت منه لا أتذكر منه شيئا، ولكن لسبب ما أنا متمسكة به، وهو هكذا وسواسي بالدين، أشعر بنفسي أنني لا أتذكر شيئا من أمور الدين حتى بذات العزة والعياذ بالله.

أشعر بفراغ إيماني كبير، وأني غير مؤمنة، وأحيانا أشعر بنفسي أنها منجرة وراء هذا الشعور، وأيضا كان قد أصابتني وساوس أخرى قبل وسواس الدين، فأنا شخصية تتأثر بسرعة حتى إذا رأيت شيئا أو سمعت شيئا أفكر به وهو لا يقرب لي من قريب أو من بعيد، أبقى طوال الوقت خائفة ومهمومة، وأشعر نفسي أنني أهرب من شيء ما.

أنا ولله الحمد منذ 5 أشهر أقرأ سورة البقرة والرقية الشرعية، وحديثا بدأت أستغفر بنية الشفاء، ولكن هل يجوز لي أن أستغفر ربي بنية الشفاء بدون نية غفران الذنب؟ أرجوكم أفيدوني، وانصحوني، ودلوني، وادعوا لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الكريمة.
لقد أحسنت ووُفِّقتِ – أيتها البنت الفاضلة – حين لجأت إلى القرآن وذكْرِ الله تعالى والاستغفار، فوصيتنا لك أن تدومي على هذه الحال، وأن تُداومي على قراءة القرآن والرقية الشرعية، فالرقية الشرعية تنفع ممَّا نزل بالإنسان وممَّا لم ينزل به، فهي أذكار وأدعية، فهي تنفع ولا تضر.

والاستغفار من أفضل الأعمال التي يتقرَّبُ بها الإنسان إلى الله تعالى، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، حين قال: ((لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم آخرين يُذنبون فيستغفرون الله تعالى يوم القيامة))، فالاستغفار من المقاصد العظيمة التي قُصد بها هذا الخلق، والقرآن يدعونا إلى الاستغفار ويأمرنا به في آياتٍ كثيرة جدًّا، وهو بوّابة إلى كل الخيرات في الدنيا والآخرة، كما قال الله: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.

وأمَّا ما تجدينه من التردد في كون هذا الاستغفار بنية الشفاء فقط أو بنية غفران الذنب فهو من آثار الوسوسة التي تُعانين منها، فالاستغفار معناه: طلب المغفرة من الله، ومن آثار مغفرة الله تعالى للإنسان ذهاب الشرور عنه من الأسقام والأمراض وضيق الحال، وجلب الخيرات إليه من الأرزاق والأموال والأولاد وغير ذلك، فهذه كلُّها ثمرات للاستغفار، أي: خيرات تحصل للإنسان بعد أن يغفر الله له ويتوب عليه، فإنه يسوق إليه أنواع من الخيرات.

إذًا لا تقفي كثيرًا عند هذه الجزئية (هل أنت تستغفرين بنية الشفاء أو بنية غفران الذنوب)، فغفران الذنوب هو مقصود الاستغفار. استغفري الله وتوبي إليه من ذنوبك، وأقلعي عنها إن كنت تقعين في بعض الذنوب.

أمَّا هذه الوساوس التي تعانين منها فإنها لا تُؤثّر على إسلامك، لأنك تكرهينها، وتفرِّين منها، فانزعاجك منها وخوفك منها دليل على وجود الإيمان في قلبك، فلا تدعي للشيطان مجالاً ليصل إلى قلبك فيغرس فيه الحزن واليأس والقنوط من رحمة الله.

وعلاج هذه الوساوس هو الإعراض عنها تمامًا، وعدم الاشتغال بها، وأن تُحقّريها، ولا تلتفتي إليها. والجئي إلى الله كلَّما داهمتك الوساوس، الجئي إلى الله بالاستعاذة، وأكثري من قول (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وقراءة المعوذتين {قل أعوذ برب الفلق} إلى آخر السورة، و{قل أعوذ برب الناس} إلى آخر السورة، وداومي على قراءة القرآن، وستصلين بإذن الله تعالى إلى الشعور بالسعادة والطمأنينة ولذَّة الإيمان.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً