الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي الوسائل التي تعينني على الصلاة والمحافظة عليها؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عشت في عائلة متدينة، ولكنني لم أكن مثلهم أبدا، أخلاقي عالية ومؤدبة جدا، وأحب الله ورسوله والله يشهد على ذلك، ولكنني لا أستطيع الالتزام بالصلاة.

أنا لا ألتزم بشيء سواء كان في الرياضة، أو الحمية الغذائية، أو حتى الدواء، وهذا منعكس على صلاتي. أحب الصدقات، والاستغفار، والأذكار، وأبكي وأنهار عندما أتذكر أنني لا أصلي، ولكن لا أستطيع ولا أعلم ماذا أفعل؟

أرجوكم ترفقوا بي في جوابكم فوالله إن قلبي يحترق ألما على عدم قدرتي على الالتزام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ التائبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
فإن الله تعالى خلقنا جميعا لغاية معروفة وهي عبادته سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وعبادة الله سبحانه متمثلة في أداء الفروض، والاستكثار من النوافل وهي التي تكمل نقص الفرائض بين يدي الله تعالى.

النفس البشرية تحتاج إلى ترويض حتى يسيطر صاحبها عليها؛ فلقد كان بعض الصالحين يقول: إن النفس لتجمح على صاحبها كما تجمح الدابة).

يجب عليك أن ترتبي أوقاتك ترتيبا سليما، وألا تغرقي في الأمور الدنيوية وتهملي الأمور الدينية الأخروية، والأصل في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، ولزورك - ضيفك - عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه).

يجب أن تكون الصلاة في أول الأولويات عندك، وعليك أن تنهضي مباشرة عند سماع الأذان فإنك إن نهضت وتوجهت للوضوء ثم أخذت السجادة ووقفت للصلاة فلن تأخذ منك إلا دقائق، وسوف ينخنس الشيطان الرجيم الذي يثبطك ويجعلك تتكاسلين عن أدائها.

أكثري من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، وحافظي على أذكار اليوم والليلة ففي ذلك طمأنينة للقلب، وحرز من الشيطان الرجيم، وجلب للحياة الطيبة المطمئنة.

من علامات المحب لله تعالى أنه مطيع خاضع مؤد للشعائر، كما قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)، فلا بد أن تجسدي محبتك بالطاعة وأداء العبادة حتى يكون الحب صادقا يقول الشاعر:
تعصي الإله وأنت تزعم حبه ** إن المحب لمن يحب مطيع.

اجعلي أمك أو أختك تأخذ بيدك وقت الأذان من أجل أن تنهضي للوضوء، ومن ثم تصلي معها جماعة، فأداء الصلاة جماعة تنشط المرء ولا تشعره بثقل أدائها تماما كما في صيام رمضان.

كلما شعرت بالكسل والتثاقل استعيذي بالله من الشيطان الرجيم فإن الاستعاذة تساعدك على التغلب عليه.

كلما أديت الصلاة في أول وقتها كان أدعى لعدم التكاسل؛ لأن التسويف في أدائها وتأخير صلاتها معين للشيطان لتثبيط ابن آدم، يقول عليه الصلاة والسلام وقد سئل أي العمل أحي إلى الله فقال: (الصلاة لأول وقتها).

لو أنكم في البيت تتعاونون وتتناشطون على أداء الصلاة في جماعة فذلك سيعينك على أدائها، وإذا تعودت على أدائها فسوف يسهل عليك القيام بها.

تذكري أنك يمكن أن يأتيك الموت في أي لحظة فإن مت وأنت لا تصلين فما جوابك حين يسألك الله تعالى عن الصلاة، ألم تقرئي قول الله تعالى: (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين) وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها فقد كفر)، فترك الصلاة أمر خطر للغاية.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة وسلي الله تعالى أن يعينك ويوفقك ويهدي قلبك ويلهمك الرشد، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

اطلبي من والديك الدعاء فدعوة الوالدين مستجابة كما ورد في الحديث.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يعينك ويوفقك ويرزقك الاستقامة على دينه إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً