الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مررت بحالة نفسية خلال الحجر فكيف لي أن أتجاوز هذه الحالة؟

السؤال

السلام عليكم.

أيام الحظر بسبب كورونا كنت أمر بظروف نفسية سيئة لأسباب كثيرة يطول شرحها، فحدثت لي لمدة أيام قليلة أعراض غريبة بدأت بالشعور بأنني سوف أموت، ثم أنني أصبحت شخصاً صالحاً، ولعدة ساعات اعتقدت أنني قد أكون المهدي المنتظر، والعالم هذا سوف يصبح كالجنة، واقترب قيام الساعة، ثم بدأت معتقدات لي بأن جهاز هاتفي مراقب، وهناك من يتآمر علي، وكنت أعتقد أن هناك من يسمعني من هاتفي وكنت أتحدث إليه.

أثناء هذه الأيام بالرغم أن الأعراض غريبة ولكنها لم تكن قوية، وبمجرد لجوئي إلى من أطمئن إليه من عائلتي عرفت أن هذا كله غير حقيقي، الأعراض لم تستمر كثيراً فقط أيام قليلة قرابة 4 أيام، والمؤسف في الأمر أنني بسبب خوفي حينها أفصحت عن أمور شخصية للغاية تخصني لبعض الأشخاص أعرفهم بسبب خوفي واعتقادي أن هناك من يدبر لي أمرا، والمشكلة الأكبر هي أني كنت سيئة التعامل في هذه الفترة مع بعض الأصدقاء، واعتقدت أنهم يتآمرون علي، وتحدثت عن مواضيع لم يكن يجب علي التحدث عنها.

الآن إذا أخبرتهم بما مررت به سيتهمونني بالجنون، وفي ذات الوقت هم متعجبون مما صدر مني وأشعر باحتقارهم لي وابتعادهم عني، لا أستطيع نسيان ما مررت به وما قمت به مما قلل من شأني.

أنا لا أستشيركم لأخذ الدواء فلا أريد أخذ أية أدوية، وأهلي لن يسمحوا لي، مع العلم أن حالتي الآن جيدة والحمد لله ولا توجد مثل هذه الأفكار، ما حدث لي كان نتيجة مشاكل مررت بها وحساسيتي الشديدة لأي أمر، وكثرة التفكير والحزن، وآمل في أشياء أتمنى الحصول عليها كالوظيفة ولكني لم أوفق، فكيف أتجاوز ما حدث؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aliaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
نحن أجبنا على استشارتك السابقة من مدة ليست طويلة، وأرجو أن تكوني قد طبقت الإرشادات التي ذكرناها لك في تلك الاستشارة.

موضوع الأفكار الظنانية التي أتتك: طبعًا هذا عرض مهم، وإن كانت ليست بالقوة أو بالشدة أو بالمطبقة التي نُشاهدها في الأمراض الذُّهانية، لكنّها من وجهة نظري تُعتبر عرضًا مهمًّا.

كلامك عن المهدي المنتظر وقولك أنك قد أفصحت بأشياء لم يكن من المفترض أن تفصحي بها لبعض الناس: هذا جعلني أفكّر أنه ربما تكوني قد كنت في حالة من بدايات الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، أو ما يُسمَّى بـ (الاضطراب الوجداني الفصامي البسيط والمؤقت)، تكونُ هنالك أعراض ظنانية فصامية، وهذا ليس مرضًا فصاميًّا، يجب أن أؤكد على هذا، وفي ذات الوقت كانت لديك بدايات حالة هوسية.

عمومًا هذه الحالات البسيطة تأتي لبعض الناس حين يكونون تحت ضغوطات نفسية كما تفضلت، وحالتك قطعًا الآن لا تحتاج لعلاج، لكن يجب أن نكون باليقظة والانتباه الضروري، لأن حدوث مثل هذه الأعراض في المستقبل – لا قدَّر الله – يجب أن يتمَّ التعامل معه بكل جدية وتقابلي الطبيب المختص.

عيشي حياتك بصورة طبيعية جدًّا، نظمي وقتك بشكل جيد، تجنبي السهر، السهر دائمًا يؤدي وإلى استثاراتٍ سلبية في كيمياء الدماغ، ممَّا قد يؤدي إلى عدم توازن في الموصلات العصبية، وهذا قد ينتج عنه عُسر في المزاج وإلى كثير من الأعراض التي تُشابه أعراضك هذه.

فإذًا أنا أعتبر أن الحالة حالة مؤقتة، عارضة، وقد انتهت إن شاء الله تعالى، لكن طبعًا من الأمانة أن أقول لك أنه ربما يكون لديك قابلية لهذه الاضطرابات النفسية، وإن حدث لك أي عرض من الأعراض السابقة يجب أن تذهبي إلى طبيب نفسي، ويجب أن تتلقي العلاج المطلوب، وأتصور أنه سوف يكون علاجًا بسيطًا جدًّا. دائمًا التدخُّلات الطبية النفسية المبكِّرة تُفيد الإنسان وتؤدي إلى نتائج علاجية ممتازة. كل الذين أطبقت عليهم الأمراض النفسية وأصبحت مُزمنة غالبًا يكونوا قد تأخَّروا في الذهاب إلى الطبيب، أو أنهم قد ذهبوا لكنَّهم لم يتبعوا الإرشادات والبرنامج العلاجي الذي وضعه المختص.

فأرجو أن تطمئني، وحاولي أن تُراقبي نفسك دون أي وجل أو وسوسة، عيشي الحياة طبيعية، بقوة، لكن بوادر أي أعراض من الأعراض التي سبق ذِكرها يجب أن تُعالج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً