الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أدافع عن ديني بلا خجل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة منَّ الله عليَّ بالهداية ووفقني لاتِّباع طريق الحق، بدأت بدراسة التَّوحيد والعقيدة، لكن الدراسة والحفظ صعُبَا عليَّ كثيرا منذ البداية، أوّلاً: أشعر بتثاقل شديد عند الدّراسة، حتى أنّني أحيانا أنام دون أن أشعر، ثانيًا: منذ أن قرأت نواقض الإسلام أصبحت أخوف ما أخافه الكفر، لكن خوفي غير طبيعي، أشعر أنّ أريد أن أعتزل كل العالم خوفا من أن يقع على مسمعي استهزاء بدين الله أو سبًا لدينه وأرضى بهذا، خاصّةً وأنّني أعاني من الخجل، حيث أنّني لا أنكر ما أسمعه، وغالبًا ما أقع في مواقف كهذه، مثلا مرّة كنت أحدث صديقتي عن ظاهرة التحرش، وقلت إنه يجب على الفتاة أن تستر نفسها بحجاب شرعي، قالت بسخرية: هل في الرجلين فتنة؟ فضحكَتْ وأنا لا أدري إن ضحكت أم لا، لكن أنّبني ضميري بشدة بعد هذا الموقف، وغيرها من المواقف التِّي دائما أقول أنّها أخرجتني من الملة، رغم أنّي لست أنا القائلة، وكما سبق وأن قلت لا أستطيع أن أنكر لأنّني أعاني من خجل غير طبيعي في المسائل الدينية فقط.

المهم الآن كل ما أريده هو أن أعتزل النّاس إلا من هو موّحد ودارس لدينه؛ حتى أطمأن بصحبته، والمشكلة أنّه ليس لديّ أصدقاء من هذا النّوع، تزداد يوْمًا عن يوم حالتي سوءً، أصبحت إذا سمعت أمر يخصّ الدين يأتيني شعور لاإرادي بالضّحك، واذا ضحكت فإنّني بعدها أعزل نفسي في غرفتي وأبكي وأنطق بالشهادة وأدعو الله كثيرًا، أريد حلًا كيف أثبت على ديني ولا أضحك؟ وكيف أتغلب على الخجل وأنكر المنكر سواءً كان كفرا أو فسقًا؟ وكيف أكتسب قوة الشخصية في الدين؟

أجيبوني في أقرب وقت مشكورين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Meriem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
يجب عليك أن تقرئي كتب العقيدة باعتدال، وأن تبتعدي عن الغلو في التطبيق وإظهار التدين، لأن ذلك بابا من أبواب الوساوس الشيطانية كما أن الغلو باب من أبواب الوساوس كذلك.

مسألة الضحك اللاإرادي الذي تشتكين منه هو من تسويلات الشيطان الرجيم، ولذلك فلا حكم على هذا النوع من الضحك لأنه ليس استهزاءً بالدين، وكون تلك المرأة تلفظت بتلك الألفاظ فهي مسئولة عنها، ولست أنت، حتى لو لم تقدري على الإنكار عليها.

تفكيرك باعتزال الناس فيه خطورة شديدة عليك، لأن الشيطان يريد أن ينفرد بك ويورد عليك الوساوس وينقلك من وسواس لآخر، فلا تفعلي ذلك وعيشي مع أهلك بشكل اعتيادي، وتواصلي مع صديقاتك، وليس صحيحا أن تبحثي عمن سميتهم موحدين ودارسين لدينهم، لأن هذا الصنف قد لا تجدينه، وإن وجدت البعض فسوف تتسلل الوساوس إلى نفسك منهم، وبالتالي ستعتزلينهم كذلك.

لا أنصحك بالقراءة بطريقة فردية، لأن ذلك يعطيك فهما غير صحيح ومن هنا تكثر عندك الأوهام والوساوس.

دراسة الكتب الشرعية يحتاج إلى شيخ يوضح ويبسط المعاني ويرد على التساؤلات، وبدون ذلك قد ينحرف الشخص بأفهامه، ولذلك أنصح باستماع الدروس العلمية المسجلة للمشايخ المعروفين بعلمهم، وإن استشكل عليك شيء فعليك الاتصال بعالم معروف بعلمه وسؤاله عما أشكل عليك.

لا تصغي لأي وسواس واحتقريها ولا تسترسلي أو تتحاوري معها، وعليك أن تبادري بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فور ورود الوسواس، وأن تنهضي من المكان الذي أتتك فيه الوساوس وتقومي بممارسة أي عمل يلهيك عن ذلك الوسواس.

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة الأعمال الصالحة كتلاوة القرآن الكريم وصلاة وصوم النوافل وغير ذلك، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة للعبد.

الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يذهب عنك وساوس الشيطان الرجيم، وأكثري من دعاء ذي النون: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر سمر

    جزاكم الله خيرا

  • تركيا سوريا

    الحمدلله على نعمة الإسلام

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً