الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ألاحظ أن خطيبي ضعيف الشخصية مع حبه للتدين

السؤال

عقد علي شاب عقداً مدنياً، (جاءني بطريقة شرعية), ولكن اكتشفت وصدمت أنه ضعيف الالتزام والتدين, بل ومتذبذب, فرغم أنه ملتحٍ ومحافظ على الصلوات في المسجد غالباً.

اختارني؛ لأنه رأى علي علامات الالتزام من صلاة وحجاب وغض للبصر, إلا أنه واقع في كثير من المعاصي والبعد, من كذب في كثير من الأحيان, وغيبة, وكثرة لهو, ومزاح, وصحبة سوء يتفوه معهم بالكلام البذئ والفاحش, ويشاركهم أفكاراً فاحشة وكلاماً عن البنات والجنس.

كما لاحظت أنه ضعيف الشخصية, وقد حدثت أشياء تمس من رجولته (أو مروءته), مثل سب أصحابه لأمه وخالته, ربما في سياق مزاحهم, وعدم اتخاذه لموقف, وكذلك كلامهم عن فتاة كان على اتصال بها ينوي خطبتها بالسوء أمامه, واستصغارهم لها, هذه الأشياء منها ما حدث خلال علاقتي معه, وهي أصحاب السوء والكلام البذئ والفاحش والكذب والغيبة وكثرة اللهو والمزاح، ومنها ما حدث قبل ارتباطه بي.

علماً بأني لاحظت فيه بعض الضعف بداية, ولكن قدر الله وما شاء فعل, علما أننا دائماً حديثنا في المواضيع الدينية, وكان يوافقني, وكنا نتذاكر سويًا, فلم أكن أتوقع أن أرى منه ما رأيته, وكنت أحزن كثيرًا في كل مرة بيني وبين نفسي, ولكنني كنت أتصرف معه بكثير من الحكمة والحزم في آن واحد طيلة السنتين, عند اكتشافي لأي معصية أو ضعف, وصبرت عليه, وصدقاً قد تحسن أمره, ولكن لم ألامس فيه تقوى الله كما ينبغي وخشيته سبحانه.

كذلك لم يعتزل أصحاب السوء, وقد تعرضنا لكثير من الخصومات التي كانت تفتعل مني كلما أكتشف منه أشياء من المذكورة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيناس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

لقد سُررنا – أيتها الفاضلة – بما ذكرتِ من التزامك بدينك وحرصك على إصلاح زوجك، ونسأل الله تعالى لك مزيدًا من التوفيق والهداية والصلاح.

ما دام هذا العقد قد تمَّ وأصبح هذا الرجل زوجًا لك فنصيحتُنا لك ألَّا تُفرطي فيه لمجرد ما ذكرتِ من الأسباب، فإن الرجل إذا كان ضعيف الشخصية – كما وصفتِه أنت – فإنه سيتأثّر بك تأثُّرًا كبيرًا، وواضح من كلامك أنه يتأثّر بمن يُصاحبه ويُصادُقه، وأنت أولى الأصحاب بالتأثير عليه، فأنت الصاحبة، وقد سمَّى الله تعالى الزوجة (الصاحب بالجنب) على ما فسّره بعض الصحابة.

تأثُّره بأصحابه وأصدقائه أمرٌ طبيعي، فالإنسان مدني بطبعه، أي يتأثّر بمن حوله ويُؤثّر فيهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المرء على دين خليله)، والحكماء يقولون: "الصاحب ساحب"، وهذا المعنى متكرر في كلام الشعراء والحكماء بما لا نحتاج إلى ذِكْر كثير منه، ولهذا فنصيحتُنا لك أن تكوني أنت المؤثّر على هذا الزوج، وبهذا تكسبين خيري الدنيا والآخرة، فإنك أولاً تمارسين إصلاح إنسان مسلم، وهذا جزء من دعوتك إلى دينك، والله تعالى يقول: {ومن أحسن قولاً ممَّن دعا إلى الله}، وفي الوقت نفسه تحافظين على بناء الأسرة وبناء الزوجية الذي يُحبُّ الله تعالى بناءه ويكره هدمه، وثالثًا: تُعدِّين الرجل الذي سيكون أبًا لأطفالك في المستقبل.

هذه المحفّزات كلُّها تدفعك إلى بذل أقصى ما تستطيعين من جُهد ومحاولات لإصلاح زوجك، فلا تتواني في ذلك، واقصدي بعملك وجه الله سبحانه وتعالى، وسيوفقك الله لما فيه خيرك وخير زوجك.

احرصي على قطعه عن هؤلاء الصحبة بإنشاء صداقات جديدة وصُحبة صالحةٍ أخرى، عن طريق إنشاء علاقات أُسرية مع الأسر التي فيها رجال صالحون مستقيمون، وسيتأثّر بهم.

حاولي أن تتعرفي المداخل إلى شخصية زوجك، ما الذي يُحبُّه؟ وما الذي يرغبه؟ من أجل أن تُوجّهيه التوجيه السليم، وتستغلِّي ما فيه من رغبات بتوجيهه نحو ما ينفعه، فالإسلام لا يُحرّم شيئًا إلَّا ودلَّ الناس على ما هو بديلٌ عنه وخيرٌ منه وأنفع.

اعتمدي – أيتها الفاضلة – الحكمة – كما ذكرتِ في كلامك – اعتمدي الحكمة وهي فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، لا تتركي الغضب يحكم تصرفاتك فتخسرين كثيرًا من الجهد الذي بذلتِه سابقًا، اتبعي الأسلوب الأحسن والكلمة البليغة المؤثّرة، والتصرف الحسن المُحبب إلى النفوس، وستجدين ثمرة ذلك بإذن الله تعالى.

هذا كله الذي قلناه بناء على أن الزواج تمَّ بعقدٍ صحيحٍ مستوفيًا الأركان والشروط، بأن كان بحضور الولي وشاهدين، أو كان بغير وليٍّ ولكن بتقليدٍ للحاكم الشرعي الذي يرى جواز أن تُزوّج المرأة نفسها، أمَّا إذا كان هذا العقد المدني المقصود به عقد زواج مع الإخلال بأركان العقد، فالواجب عليك مُفارقة هذا الرجل، ثم إذا أردتِّ بعد ذلك الزواج به، فلا بد من استكمال أركان عقد الزواج ليكون الزواج صحيحًا.

الخلاصة أن هذا الموضوع أنتِ لم تذكري لنا كيفية هذا الزواج حتى نُخبرك بحكمه الشرعي، وهل هو صحيح أو غير صحيح؟!

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً