الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدمت لخطبة فتاتين وقوبلت بالرفض وساءت حالتي، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم..


تقدمت لخطبة فتاة، فرفضت لأنها خريجة جامعية بامتياز، وأنا شهادتي أقل من ذلك بكثير، يومها قرأت إحدى الاستشارات المتعلقة بالموضوع في الموقع، وعملت بما جاء فيها من توجيهات، وتقدمت مؤخرا (بعد أربع سنوات مضت على الرفض الأول) لفتاة أخرى فرفضت أيضا بحجة أنها تنوي استكمال دراستها الجامعية خارج البلاد، مع العلم أني أخبرتها باستعدادي للسفر معها، ومساندتها حتى تنهي دراستها، فأجابت بأن الارتباط سيعيق دراستها، أشعر بأنها ترفضني لشخصي، ويمنعها الإحراج من مصارحتي بذلك، وأنا حزين جدا وكئيب، وثقتي بنفسي على شفا الانهيار، لا أخشع في صلاتي، لا أستطيع النوم ولا التركيزفي دراسة أو عمل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا وأخانا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص ومتابعة استشارات الموقع، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

لا يخفى عليك أن الإنسان عندما يريد أن يستشير ينبغي أن يعرض قضيته، ورغم حُسن الصنيع الذي قمت به من قراءة الاستشارات إلَّا أننا نفضّل أن تعرض ما في نفسك، فالاستشارة والفتوى والتوجيهات دائمًا فرعٌ عن الحال التي نتكلم عنها، وما قلْناه لشخصٍ قد لا يصلُح مع الآخر، لكن يمكن أن يستأنس به ويستفيد منه.

على كل حال: نحن نرحب بك، ونشكر لك الاهتمام، فأنت صديق للموقع، وأنت في مقام أبنائنا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد دائمًا.

والذي نُحب أن نؤكد عليه هو أن ما ينبغي أن تحزن إذا رفضتك الأولى أو رفضتك الثانية، أو حصل الرفض من ثالثة، فاعلم أنه لا عيب في رجلٍ ترفضه المرأة، كما أنه لا يعيب في امرأةٍ يرفضها رجل، لأن التلاقي في هذه الأمور بالأرواح، وهي كما قال صلى الله عليه وسلم: ((الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف))، ولو تتبعت حياة الصحابة الكرام ستجد من خطب ورُدَّ، هذا الأمر ما ينبغي أن يأخذ أكبر من حجمه، بل ينبغي أن تستبشر خيرًا، لأنك سيقع اختيارك على الفتاة التي تُناسبك، ترتاح إليها وترتاح إليك.

فما عليك إلَّا أن تواصل مشوار البحث، ولا مانع من أن تطلب مساعدة الخالات والعمَّات والأعمام والأصدقاء والجيران، لأن هذا النوع من الزواج هو أنجح أنواع الزيجات، الذي يكون عن طريق البحث عن طريق المعارف أو الجيران أو الأهل، هذا الأمر من الأهمية بمكان، وتستطيع أن تستفيد من أخواتك وعمَّاتك وخالاتك كي يبحثن لك.

فإذا اخترن فتاة فبعد ذلك أنت صاحب القرار، لكن سيأتيك في الأول من الوصف أنها كذا وأنها كذا وأنها كذا، ثم بعد ذلك تسأل عنها، ثم تطلب النظرة الشرعية، فإن وجدتَّ ارتياحًا وانشراحًا وميلاً فاقبل بها، وهذا هو أحسن طريق ننصحك به.

أمَّا أن تتأثّر سلبًا وتفقد ثقتك لأن الأولى رفضت والثانية تُريد أن تدرس وأنها رفضتك، ما ينبغي أن تنتبه ولا تفكّر بهذه الطريقة، واعلم أن الشاب مثلك الذي يطرق الأبواب، والجاد الذي يريد الزواج فعلاً هو عملة نادرة، ومثلُك مرغوب، وستجد نساءً يرغبن في الارتباط بك، وعندها أنت الذي ستختار، ونوصيك بأن تختار الدّين وتختار الأخلاق، وتختار العائلة، وتستخير وتستشير، وتُشاور أسرتك – وهذه الأمور – حتى تبني على قواعد صحيحة.

ولذلك أيضًا نتمنى ألَّا يأخذ الموضوع أكبر من حجمه، حتى لا يُؤثّر على خشوعك في الصلاة، أو يمنعك من النوم، أو يحول بينك وبين التركيز في الدراسة، أو العمل.

أكرر: ليس عيبًا في شابٍّ إذا رفضته فتاة، كما أنه ليس نقصًا في الفتاة إذا رفضها شابٌّ، لأنه ما من إنسان – شاب أو فتاة – إلَّا قدَّر الله له، ووضع الله له في طريقه مَن يرتاح إليها أو ترتاح إليه.

ولذلك نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونكرر الترحيب بك، ونشرف بأن نكون عونًا لك في مسألة الاختيار، وإذا وجدت فتاة مناسبة فلا مانع أن تعرض ما فيها وتعرض ما في نفسك حتى نتعاون جميعًا في حُسن الاختيار، واعلم أن الذي حصل فيه خير، لأن الحياة الزوجية ينبغي أن تكون على رضًا تامّ وقبول تامّ وميلٌ مشترك، ميلٌ من الطرفين، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً