الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تعاني من شكوك ومرض نفسي وترفض الدواء.. كيف نقنعها؟

السؤال

السلام عليكم

كيف يجب علي التعامل مع والدتي التي تعاني من مرض نفسي، تم تشخصيها منذ ١٢ عاما، وتم توفير دواء فعال لها، وهذا المرض يسبب لها الفصل بين العاطفة والعقل ( لا أعلم اسم المرض)، ولكن هذا المرض يسبب لها الكثير من المشاكل مع والدي، وهم على هذا الحال طوال ال١٢ عاما، ووالدي صابر عليها طوال هذا الوقت، ولكن في الفترة الاخيرة ازدادت شكوكها دون سبب يذكر، فهي دائمة الانتقاد له في معظم أفعاله، لم يكن بينهم أي حياة زوجية طبيعية طوال هذه الفترة، ولم نستطع أنا وإخوتي أن نفعل شيئاً، فقد حاولنا بشتى الطرق، ولكن دون جدوى.

استفساري حول كيف يمكنني أن أجعلها تقتنع بشرب الدواء، فهي ليست مقتنعة بمرضها، وليست مقتنعة بالدواء، ويمكن أن تبدأ الشك بالشخص الذي يحاورها بمرضها ويقنعها بالدواء.

أرجو الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الوهاب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا على اهتمامك بأمر والدتك، ونشكرك على ثقتك في الشبكة الإسلامية.

والدتك - حسب المعلومات المتاحة - غالبًا تعاني من مرض يُسمَّى (الاضطهاد الباروني) أو مرض (الفصام الباروني)، وهو بالفعل مرض عقلي رئيسي، المحور الجوهري في الأعراض هو الشكوك الظنانية المُطبقة، وكذلك أن الإنسان لا يعترف أو لا يرى أنه مريض أبدًا، وأعتقد هذه الشروط التشخيصية تنطبق على والدتك – عافاها الله وشفاها - .

طبعًا الحالات هذه تستجيب للعلاج بصورة ممتازة جدًّا، لذا نحن نقول للناس أن المريض لا بد أن يُعالج بأي طريقة، طبعًا من الطُّرق الأساسية هي أن يتكلّم معها أحد تثق فيه، وليس من الضروري أن يقول لها (أنت مريضة)، لا، يقول لها: (أنت تعانين من إجهاد نفسي وجسدي لماذا لا نذهب إلى الطبيب)، ويمكن أن تبدؤوا بالطبيب الباطني والذي يقوم بفحصها، ويكون هنالك اتفاق مسبق معه ليحوّلها إلى الطبيب النفسي، وحين تأتي التحويل من الطبيب سوف تقتنع، هذا في الغالب.

الطريقة الأخرى هي أن يُوضع لها أحد الأدوية في مشروب دون علمها، هذا جائز أخلاقيًّا، لكن لا بد أيضًا أن يكون قد تمّ فحصها بواسطة طبيب، هنالك دواء يُسمَّى (أولانزبين Olanzapine)، واسمه العلمي (زبريكسا Zyprexa) من نوع ذوّاب، يتم تناوله بجرعة عشرة مليجرام ليلاً، لكن إذا كان المريض يُعاني من مرض السكر هذا الدواء لا يصلح، هذا الدواء أيضًا مفيد وقوي، وفعّال جدًّا في الأمراض الظنانينة.

هنالك طبعًا كثير من الدول فيها القوانين التي تُجبر هؤلاء المرضى على الذهاب لمرافق العلاج، وهنالك خدمات منزلية في بعض الدول أيضًا إذا كانت متوفرة، يمكن أن يأتيها الطبيب في المنزل ويحاول إقناعها، وإن لم تقتنع تُستعمل الصلاحيات القانونية التي تنقلها إلى المستشفى للعلاج.

هذه هي الوسائل، والطريقة الأخيرة طبعًا لا نفضّلها كثيرًا، وإن كانت في بعض الحالات التي يشكل فيها المريض خطورة على نفسه أو على الآخرين هي الوسيلة المتاحة والتي يجب أن تُطبق.

بالنسبة للاستمرارية في العلاج: الآن الحمد لله توجد إبر، إبر ممتازة جدًّا، مثل عقار الـ (رزبريادون كونستا Risperdal consta)، عقار (إنفيجا Invega)، عقار (فلوناكسول Fluanxol)، عقار (هالدول Haldol)، هذه كلها تُوجد في شكل إبر، تُعطى أسبوعيًّا، أو كل أسبوعين، أو شهريًّا، والآن ظهرت إبرة مكلِّفة بعض الشيء لكنّها مفيدة جدًّا، تُعطى مرة كل ثلاثة أشهر.

إذًا السُّبل العلاجية متوفرة، ولا تيأسوا أبدًا، ولا تتوقفوا عن محاولاتكم لإقناع هذه الوالدة بالعلاج، أرجو أن تقوموا بذلك، العيش مع مريض نفسي لديه مرض الشكوكية الظنانية الاضطهادية العقلية مُزعج جدًّا، ومتعب جدًّا، فأرجو أن تتخذوا خطوة علاجية، وكما ذكرت لك بفضلٍ من الله تعالى هؤلاء المرضى يستجيبون للعلاج بصورة ممتازة، وبعد أن يستجيبوا للعلاج وتتحسَّن أحوالهم وتختفي الأفكار الاضطهادية الظنانية كثيرًا من هؤلاء المرضى يقتنعون بأهمية العلاج ومواصلة، ويكونون أكثر رغبة في التعاون فيما يتعلق بتناول العلاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لها العافية والشفاء، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً