الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي توتر وقلق بسبب ضغوط الدراسة الجامعية

السؤال

السلام عليكم

أنا أعاني من توتر وقلق بخصوص الدراسة لدرجة أني أستيقظ من النوم مع نوبات خوف شديد وألم بالمعدة والاستفراغ.

كلما اقترب موعد الدوام تعود هذه الحالة بشكل يومي، ولكن عندما أبدأ بالمحاضرات وأبدأ بالدراسة كل شيء يختفي وتعود صحتي كما كانت.

أعلم أن سبب الخوف طبيعي جداً، وأحاول إقناع نفسي أن لا شيء سيء سيحدث، وأنه لا بأس إذا أخطأت فيه وأنها ليست النهاية، إلا أن الأفكار السوداء تظل ترعبني، وأبقى من الداخل غير مقتنعة.

أحاول أن أبذل المزيد من الجهد حتى أقوم بإثبات نفسي وقدراتي.

تكمن المشكلة عندي عند الاستيقاظ من النوم، وأشعر بالخوف الشديد والرهبة، وأبدأ بالاستفراغ حتى لو لم آكل شيئاً لعدة أيام، وأبقى على هذه الحالة إلى ما بعد العصر، وفجأة تختفي كل الأعراض بشكل فجائي.

الصحيح أني لم أنته من دراستي بعد ( تبقى لي سنة كاملة)، والاستيقاظ في كل مرة بهذه الحالة متعب جداً ومرهق، بحيث أني لم أعد أستطع التركيز بأي شيء، وأصبحت أنسى بشكل كبير ولم أعد أستطع التركيز بكل شي.

علماً بأن مستوى فيتامين ب ١٢ جيد، الشيء الذي بدأ يؤثر على دراستي ويجعلني أخاف من جديد، وكأني في حلقة مفرغة، وعندما ذهبت إلى الطبيب قاموا بإعطائي أدوية لمنع الاستفراغ (proton bump inhibitors)، ولكن الأدوية لم تكن ذات فائدة.

أريد حلاً للتعامل مع هذا الخوف والتوتر، رجاءً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

هذا الخوف معروف، وهي ظاهرة الشعور بالخوف في فترة الصباح حين يكون الإنسان ذاهبًا إلى مرفقه الدراسي، وبعض الناس تحدث لهم أعراض جسدية، خاصّة الأعراض المتعلقة بالجهاز الهضمي، الشعور بألم البطن والاستفراغ ظاهرة معروفة جدًّا عند الأطفال الذين لا يرغبون في الذهاب إلى المدرسة في الصباح، وتجد هذه الظاهرة لا تحدث لهم أبدًا يوم الإجازة.

هذه الأمور ليست جُبنًا، وليست خوفًا حقيقيًّا من المدرسة أو من الجامعة ذاتها، إنما الخوف من الفراق، الخوف من فراق أمان المنزل، هذه الظاهرة هكذا فُسِّرت، لكن في مثل عمرك يجب ألَّا يحدث شيء من هذا القبيل، أنت والحمد لله ناضجة، وتستطيعين أن تُدبّري أمورك بصورة إيجابية جدًّا، فزيدي رغبتك في الدراسة، وأدركي تمامًا أن المؤهل العلمي من الأشياء الضرورية جدًّا في حياتك، أقبلي على دراستك بكل أريحية وكل انشراح وكل تفاؤل، واسرحي بخيالك في هذا السياق: بعد البكالوريوس إن شاء الله تحضرين الماجستير، وإن شاء الله بعده التحضير للدكتوراه، وهكذا...يجب أن تُنمّي رغبتك التعليمية، رغبتك في التحصيل العلمي، وأن تستشعري أهمية العلم، هذا يُساعدك كثيرًا في تخطي هذه المخاوف.

الأمر الآخر هو: أن تُنظمي وقتك، هذا شيءٌ مهمٌّ جدًّا، حُسن إدارة الوقت يساعد الإنسان في كل شيء، في التحصيل الدراسي، في العبادة، في الترفيه عن النفس، في التواصل الاجتماعي، فأرجو أن تضعي خارطة ذهنية يومية لإدارة الوقت، وأول ما تبدئين به هو النوم الليلي المبكّر، تجنب السهر مهمٌّ جدًّا، أنت مثلاً إذا نمت الساعة التاسعة واستيقظت لصلاة الفجر، وبعد ذلك بدأت تدرسين لمدة ساعة قبل الذهاب إلى الجامعة، كم من الانشراح سيأتي إلى نفسك؟ قطعًا ستحسين بالارتياح، ستحسين بالإنجاز.

علمًا بأن تركيز الإنسان في فترة الصباح بعد النوم المبكّر وبعد أداء صلاة الفجر يكون التركيزُ عاليًا جدًّا، وساعة واحدة من الزمن للمذاكرة في وقت البكور تُعادل يمكن ساعتين إلى ثلاثة في بقية اليوم، هذا الأمر مجرب، وكان هذا هو منهجنا فيما سبق في تحصيلنا الأكاديمي.

أنا أنصحك أن تتبعي هذا المنهج: نوم مبكّر، وصلاة الفجر، وبعد ذلك الاستعداد، والاستحمام، وتناول كوب من الشاي مثلاً، ثم تبدئين تدرسين، وحين يأتي وقت الجامعة تذهبين إلى دراستك بدون أي إشكالية، وبعد ذلك تستفيدين من بقية اليوم: ترفّهين عن نفسك بشيء مُعيَّن، تجلسين مع الأسرة، تُمارسين رياضة، أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، الصلاة في وقتها، تلاوة شيء من القرآن ... هكذا تُدار الحياة، وهذا هو الذي يُولِّد الرغبة الرئيسية فيما يتعلق بالتعليم.

موضوع الاستفراغ: هذا نُسمِّيه (علَّة نفسوجسدية) الجانب النفسي يلعب فيها دورًا، ومع احترامي الشديد للطبيب الأدوية التي أعطاها لك لا تُعالج هذه العلة، الذي يُعالجها هو الكلام الذي ذكرتُه لك، وأنا أيضًا أشجّعك على تناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف.

عقار (استالوبرام) والذي يُسمَّى تجاريًا (سبرالكس) سيكون مفيدًا جدًّا لك، يمكنك أن تبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي تمامًا عن تناول الدواء.

السبرالكس دواء سليم وفاعل، وغير إدماني، ولا يضرُّ أبدًا بالهرمونات النسائية. أرجو أن تطبقي كل ما ذكرتُه لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً