الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت مدمرا بعد انتهاء العلاقة، ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم..

عمري ٣٠ سنة، تعرفت على إنسانة عمرها ٣٧ سنة، وعندها ولد عمره ١٥ سنة، أحببتها وأحبتني، سكنا سويا 6 شهور، لكن خطئي أنه كان في الحرام، وأخرت الزواج الشرعي، وبعد فترة من العلاقة بسبب عدم وعي، وطيبتها الزائدة، أصبحت متمردا، وأفتعل المشاكل، وأهددها دائما بالرحيل، وأشتم، وأدمرها نفسيا إلى أن حصل خلاف، وقالت بأنها تريد الرحيل ولا تملك مشاعر لي.

عندها رأت الجانب الضعيف مني، وأني أموت بدونها في البداية كانت مترددة لكن بعد محاولاتي المتكررة وضعفي وبكائي أمامها أصبحت أقسى، ولا تعطي فرصة أبدا، إلى أن قمت مرة بدفعها بعد بكائي، وبعد كل الوسائط من الأصدقاء، ومحاولتي أن أريها الندم والتوبة، وأني أريد الحلال، أصبح رفضها عنيفا، وتعاملني بكره، وحظرتني، ولا أعرف ماذا أفعل كي أصلح كل شيء، لأن حالتي يرثى لها جسديا ونفسيا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُبعدك عن الحرام، وأن يتوب عليك من هذا الذي حدث، وأن يردكّم إلى الحق والخير والصواب.

لا يخفى عليك أن الذي حدث ليس قليلاً، فكلُّ هذه الفترة والحياة التي عشت معها كانت في معصية الله تبارك وتعالى، بل هي وقوع في جريمة من أكبر الجرائم، وأكبر الجرائم هي (الشرك بالله، وقتل النفس التي حرّم الله، ثم الزنى)، والأمر يحتاج منك إلى توبة نصوح، وكذلك من المرأة المذكورة، لابد من توبة نصوح، فإن صدقتم في توبتكم وصدقتم في أوبتكم وأخلصتم في رجوعكم إلى الله تبارك وتعالى فإن التوبة تجُبُّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ}.

فعجّل بالتوبة النصوح لله تبارك وتعالى، ولا تقبل العودة لها ولا لغيرها إلَّا على أسس وقواعد هذا الدين العظيم.

أرجو أن تعلم أن الإسلام لا يُبيح للإنسان أن يُحدث أي علاقة صَغُرتْ أو كبُرتْ إلَّا بعد أن يتمّ الزواج الشرعي، عبر المجيء للبيوت من أبوابها، وعبر نكاحٍ يُعلن ويفرح به مَن حضرك من الموحدين، ولذلك الشريعة حريصة جدًّا على صيانة الأعراض.

لذلك نتمنّى ألَّا تخوض التجربة الخاطئة، لأنه لا يأمن مكر الله إلَّا القوم الخاسرون، ولأن ما حدث كان مخالفة كبيرة، وهذا يوجب الحذر والخوف من عقاب الله تعالى، {فليحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنةٌ أو يُصيبهم عذاب أليم}. رغم البكاء، ورغم الألم، ورغم الذي حدث، إلَّا أن الذي حدث ما ينبغي أن يُعاد، إلَّا وُفق أسس شرعية، وتصحيح هذا الوضع يبدأ بتوبة الطرفين لله توبة نصوح، ثم بتأسيس حياة على كتاب الله وعلى سُنّة النبي عليه صلاة الله وسلامه، وما حصل من الحرام لا يمنع حصول الحلال بعد التوبة والرجو إلى الله، مصادقًا لقوله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحًا}، ولقوله: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى}.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، وأن يردّكم إلى الحق والصواب، وتجنّب العبث بالأعراض والتجاوز في مثل هذه الأمور، وتذكّر أن الإنسان لا يدري ماذا يعرض له، ومتى يمضي إلى الله، فاتق الله في نفسك، وكن عونًا لنفسك ولغيرك على طاعة الله، ونكرر الترحيب بك في موقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً