الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من تبلد المشاعر ونفسي لا تستجيب لشيء!

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من تبلد المشاعر منذ 9 أشهر، حياتي مملة وروتينية، عقلي لا يستجيب لشيء مما أحب كالسفر والرياضة والقهوة، حتى أني فقدت لذة الطعام، أصبحت كالجماد لا أشعر بطعم الحياة، لا أشعر بالفرح ولا الحزن ولا أبكي، وأحس بضيقة في الصدر وجلد الذات وأعراض نفسية أخرى، علما أني صغير في العمر، ساعدوني، أريد حلا.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم أنت تواصلت معنا، وقد أجبنا على استشاراتك السابقة، وكانت أحد هذه الاستشارات من وقتٍ قريبٍ، 22/4/2020، رقم الاستشارة (247872)، ولديك استشارات مماثلة كثيرة.

كما ذكرتُ لك سابقًا: هذه المشاعر مشاعر مستجلبة، مكتسبة، والإنسان يمكن أن يكتسب ما هو مضاد لها، والتغيير يأتي من إرادة الإنسان، الإنسان له حرية الاختيار في التغيير، هي ليست أمرًا قدريًا أزليًّا، هذا يجب أن أؤكده لك، والسياق القرآني واضحٌ جدًّا في هذا السياق، قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا بأنفسهم}، الله تعالى استودع فينا الطاقات الجميلة، الطاقات العظيمة، الخبرات الرصينة التي من خلالها نستطيع أن نتغيّر، وهذا هو الذي يُميز الإنسان عن الحيوان.

فيا أيها الفاضل الكريم: اعلم أن كل شيء في الدنيا له ما يُقابله: الكآبة يُقابلها الفرح، والشر يُقابله الخير، والانهزام يُقابله النصر، والقُبح يُقابله الجمال، وهكذا. إذًا لنا أن نختار ولنا أن نتخيّر، وهنالك حرية مطلقة في هذا السياق، فأنت يجب أن تنطلق على المستوى الفكري المعرفي للتخيّر ما هو صالح وما هو طيب وجميل، وكما ذكرتُ لك سلفًا: السعادة تُجلب وتُصنع، لا تأتي لوحدها أبدًا.

ليس لي إضافة أكثر من ذلك، ولا توسوس حول هذا الأمر، اتخذ الخطوات العملية الحقيقية من أجل التغيير، أنت ذكرتَ أنك أصبحت تتغيّر نمطيًا عن طريق: السفر، الرياضة، القهوة، لكن يظهر أنك على مستوى الفكر لم تتغيّر، فهذا مهمٌّ جدًّا، وأنا أرى أن الأمر أصبح شبه وسواسي بالنسبة لك.

الطريقة التي تُعبّر بها عن ذاتك تدلُّ على أن مقدراتك ممتازة، وعالية جدًّا، ولا تعتمد على مشاعرك ولا على أفكارك، اعتمد على أفعالك، هذا أمرٌ نحتّمه أيضًا، أفعالك يعني: أن تدير وقتك بصورة صحيحة، وتقوم بما هو مطلوب في الحياة لتسعد نفسك مهما كانت أفكارك ومشاعرك، مثلاً: أن تنام مبكّرًا، وأن تستيقظ مبكّرًا، أن تُصلّي صلاة الفجر، أن تُجهز نفسك من استحمام وتناول كوب من الشاي أو القهوة، ثم تقرأ وردك القرآني بتمعّنٍ وتدبّر، ثم تمارس بعض التمارين الرياضية، ثم تذهب إلى مرفقك التعليمي، هذه بدايات عظيمة، هذه سعادة يجلبها الإنسان لنفسه، وبعد ذلك سوف تحس أنك استطعت أن تُدير بقية اليوم بفعالية ممتازة جدًّا، اخرج مع أصدقائك، قم بزيارة أحد أرحامك، اقرأ شيئًا طيبًا وجميلاً، من خلال الأفعال تأتِي السعادة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً