الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي صديقات بدأن في الجفاء والبعد عني.

السؤال

السلام عليكم

قبل فترة واجهتُ مشكلةً مع بعض صديقاتي بأنهن لا يُريدنني مٍعهُن، وأنني لا أُشعرهن بالراحة، وذلكَ لأنّي اجتماعيةٌ جدًا، وأُحبُ التحدثَ مع كثيرٍ مِن الناس.

قبلَ بِضعةِ أيام صدمت بأنهن فضحن أسراري، وافتعلن مشكلة مع صديقة قديمة لي، وأدخلنني بأكثر من قروب، ليلقين اللوم علي، وعندما لم آبه لهن أصبحن يرسلن إلي من كل مكان ويُخبرنني بأُمور فظيعة وجارحة.

لقد أحبطني الأمرُ وبكيتُ كثيرًا، كما أنهن أخبرنني بأني المُذنبة، وأنني أكذبُ عليهن، والآن بعد التفكير أشعرُ بأنني مذنبة حقاً، لأنني وثقتُ بهن، ولأنني أتحدث عن مشاكلي لجميع صديقاتي.

أصبحت تراودني الكوابيس بأني المخطئة، وأريد التقرب إلى الله ليسامحني عن خطئي الكبير، أشعرُ بالحزن والكآبة حقاً لأنني لستُ من هذا النوع الوقِح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رؤى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً وسهلاً بكِ.
أرى من كلماتك أنك فتاة من النمط القوي والمنطلق للحياة والناس, والواثق من نفسه, والمحب لنفسه ولغيره, وأتفهم ما تشعرين به من ضيق وإحباط بعد تعامل صديقاتك معكِ ومحاولتهم المتكررة للإساءة إليكِ.

دعينا نتناقش بنقطة مهمة برأيي, إنك بمرحلة بداية الشباب, وهي مرحلة صقل الشخصية واثبات الذات, والناس نوعان في هذا, منهم:

من يحاول إثبات ذاته بشكل ايجابي: عن طريق محبته للآخرين, وتقديم المساعدة والتفهم لهم, والإحساس بالآخر في مواقفه الحياتية المختلفة, وتقديم الدعم لمن حوله حين الحاجة, ومشاركة الآخرين في فرحهم وحزنهم.

منهم من يحاول إثبات ذاته بشكل سلبي: من خلال الغيرة من الآخرين والتنافس غير الشريف معهم, والحقد على من حوله, والتنمر على الآخرين, والإساءة إليهم ومحاولة افتعال المشكلات والأذى لهم.

للأسف إن صديقاتك التي حدثتِنا عنهم كانوا من النوع الثاني, وهذا النوع موجود في كل زمان ومكان, لذا لا تحزني, يكفيك راحة بال أنك لست مثلهم من النمط الثاني وأنك لم تؤذي أحداً، بل برأيي افرحي لحدوث ذلك معك الآن, فهذا سيعلمك الكثير من الدروس الهامة لحياتك لاحقاً.

مِن نعم الله أنْ حدث معك ما حدث الآن, قبل الحياة الجامعية والمهنية, فتلك المراحل تحتوي على العديد من الأنماط البشرية المختلفة, منها الايجابي ومنها السلبي, لذا كل ما حدث معك برأيي سيجعلك أقوى للانخراط الايجابي مع النمطين بحياتك المستقبلية, وأيضاً أكثر معرفة بالنمط السيئ مما يجعلك تتجنبين التعامل العميق معهم.

بالمقابل أتمنى منك أن لا تسمحي لما حدث أن يفقدك ثقتك بنفسك, بل استثمريه لإدراك ايجابياتك واختلافك عن باقي صديقاتك, فهذا سيجعلك أكثر ثقة وقوة لمواجهتك للحياة لاحقاً, فمثلاً:

صفة الاجتماعية التي أخبرتنا أنها لديك برأيي هامة جداً وخاصة في زماننا الحالي, فالعلاقات الاجتماعية تطور من مهاراتنا الشخصية وتفتح لنا العديد من أبواب فهم الحياة من زوايا مختلفة, فهي ايجابية وليست سلبية كما اعتبروها صديقاتك, ولكن حتى تكون مصدر قوة لكِ.

عليك أن تتعلمي التمهل في إعطاء الثقة للآخرين ومشاركتهم خصوصياتك وأسرارك, وهذا قد لا تتعلميه لو لم يحدث معك ما حدث, لذا حاولي الاستفادة مما حصل معك مع الحفاظ على ثقتك بنفسك واعتزازك بمعدنك الجميل والتمسك بايجابياتك الشخصية التي تجعل منك مختلفة عن الأخريات.

أما فيما يخص رغبتك بالتقرب إلى الله, فالجميل في ديننا أن الله جلّ وعلا يفتح لنا بابه في كل زمان ومكان, ويفتح لنا باب توبته بلحظة عزمنا عليها, وإذا صدقنا بها يبدل سيئاتنا بحسنات، ويجيب دعاءنا إذا رفعنا أيدينا إليه بالدعاء، لذا لاتتردي أبدا في التقرب إلى الله تعالى بأية وسيلة ترغبينها.

ختاما: أتمنى أن يُبدلك الله بصديقات صالحات تكونوا لبعضكن سنداً ودعماً في هذه الحياة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا رغد

    شكرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً