الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني رجل ثم تراجع فأصابني حزن شديد!

السؤال

السلام عليكم..


أنا فتاة عازبة، بعمر 36 سنة، أبدى أحدهم رغبته بالزواج مني، علماً بأنه متزوج، وقال أنه فقط بحاجة إلى القليل من الوقت قبل أن يتقدم لخطبتي.

أبديت الرفض أولاً، لأنه متزوج ولديه أطفال، ولكني وافقت بعدها لأنه حصل إعجاب بيننا، ولأنه قد أباح الشرع تعدد الزوجات، وبعد الانتظار تراجع عن وعده بسبب الصعوبات المادية، أو ربما لأن زوجته أثارت المشاكل.

بالصراحة لم أقم بالسؤال تجنباً للإحراج لي وله، ومع ذلك قطعت علاقتي به إرضاء لوجه الله تعالى، ولكن هذا الموقف أثار مشاعر الحزن الشديد لدي بعد فرحتي بطلبه لي، وأحلامي بأنه سيكون لي زوج وربما عائلة، وفجأة اختفت وحل محلها مشاعر حزن واكتئاب، لا أستطيع الجلوس بين الناس دون الرغبة بالبكاء أو الانهيار.

هذه المشاعر في ازدياد، خصوصاً بعدما علمت أنه بانتظار مولود جديد، أشعر بأني متعلقة به، والله لا أحسده بأنه لديه عائلة وأطفال ولكن أشعر بالحزن على نفسي، حتى أني قمت بزيارة الطبيب النفسي لمعالجة حزني، ووصف لي زولفت ودينكست، هذه الأدوية تساعد، ولكن ليس بالقدر الكافي.

سؤالي هو: ما هي نصائحكم للتغلب على هذا الحزن من وجهة النظر الدينية؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي العزيزة، أنا أقدر حزنك والضيق الذي تعانينه الآن بعد هذه التجربة الصعبة، وأدعو الله أن يخفف عنك ويعينك في مصابك، ولكن في مثل هذه الموضوعات تأثرنا يكون على قدر قربنا من الطرف الآخر وتفاهمنا معه.

نحن بالآخر بشر، تقودنا عواطفنا قبل عقولنا وذلك تحديداً عند النساء، وصدق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام حين قال: (أحبِبْ حبيبك هوناً ما عَسى أن يَكونَ بغيضَك يومًا ما، وأبغِض بغيضَك هَونًا مَا، عسى أن يَكونَ حَبيبَكَ يومًا ما) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير.

لربما كانت رغبة الاستقرار وفرحة الارتباط لديك كبيرة، لذا كانت ردة فعلك على قدر ما حلمتِ به، وعلى أي حال، قدر الله وما شاء فعل، ولا تلوميه أو تلومي نصيبك، على العكس ربما في ذلك خير لك، وما الظروف واعتراض الزوجة وغيرها إلا أسباب لينجيك الله من أمر لا يريده لك الآن، ومع هذا الشخص.

قد يحب الإنسان شيئاً وهو شر له، وقد يكره شيئاً، وهو خير له، فلربما صرف الله عنك شراً ما كنت تعلمينه، يقول تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

أختي العزيزة، لاستعادة توازنك النفسي، عليك القيام ببعض الإجراءات العملية، وفيما يلي بعض الاقتراحات:

- اقطعي علاقتك بهذا الشخص بشكل تام، ولا تتقصي أخباره نهائياً، ولا تسألي عن حياته أو ظروفه.

- عند التفكير بالموضوع، حاولي أن يكون تفكيرك إيجابياً قبل أن يكون سلبياً، مثال: قولي في نفسك: الله أراد لي الخير قبل أن تقولي: خسرت شخصاً كنت سأرتبط به.

- عليك إشغال وقتك بممارسة هواية أو عمل ما، فلا تجعلي للفراغ محلاً في حياتك خلال هذه الفترة، واكتبي بالتفصيل كل ما حدث معك على ورق، وبعد أن تنتهي من الكتابة، اكتبي جميع الإيجابيات في شخصيتك.

- تحدثي إلى صديقة مُقربة عن مشاعرك الحالية، وابتعدي عن الأشخاص ذوي "الطاقة السلبية" والذين ليس لديهم أي حلول لمشكلتك، بل يزيدون الأمور تعقيداً.

- مارسي يومياً أنشطة رياضية خفيفة مثل المشي، واحصلي على قسط وافٍ من النوم، والتزمي بالأكل الصحي.

- من الأدعية العلاجية لإزالة الهم والغم، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً، قال : فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها، فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها) أخرجه أحمد.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً