الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أرق منذ شهرين.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم.

قبل ٣ سنوات ظهر لي مرض ارتجاع المريء، في هذه الفترة تعبت كثيرا، ذهبت لعدد من الأطباء، وعملت منظارا، فأعطوني أدوية كثيرة وبدون نتيجة.

مع الوقت عرفت حالتي، واهتممت بنفسي، وبنظام عذائي صحي، فنزل وزني من 70 إلى 60 كيلو والحمد لله، ولكن مشكلتي عدم الالتزام، كما أني أصبت بأرق مستمر لأسبوع، ونوم متقطع، فبالتالي تغير مزاجي كليا، أفكر كثيرا، وأبكي الليل كله، وأصابني الصداع، ومعه إسهال أو إمساك، وكثرة التبول رغم أني لم أكن شربت الماء!

لا أستطيع مواصلة حياتي، ولا أستطيع الذهاب للجامعة، ولكني متمسكة بصلاتي وقرآني.

ساعدوني؛ لأني كبيرة البيت، واعتماد أهلي علي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جواهر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

الذي يظهر لي أنه لديك درجة من القلق المحتقن – أي القلق السلبي – علمًا بأن القلق هو أصلاً طاقة نفسية إيجابية نحتاج لها، لأن الذي لا يقلق لا ينجح، لا يُنجز، لا تكون لديه الهمّة لأن يكون فعّالاً، لكن القلق حين يزداد ويحتقن أو لا نُصرِّفه بالطريقة الصحيحة يؤدي فعلاً إلى توترات كثيرة جدًّا، ويؤدي إلى أعراض نفسوجسدية.

أي: أن بعض أجزاء الجسد والأعضاء الداخلية تتأثّر، تتوتّر حين تتوتر النفس، وأكثر الأجهزة التي تتأثر وتتوتر هي الجهاز الهضمي، لذا ظهرتْ لديك هذه الأعراض في الجهاز الهضمي، وظهر لديك كثرة التبول – كما تفضلت – هذا دليل على أن المثانة أصبحت عصبية، متوترة، لا تُخزّن البول بالصورة الصحيحة. واضطراب النوم أيضًا هو دليل على القلق.

أنا أنصحك – أيتها الابنة الفاضلة – أن تكوني أكثر تفاؤلاً، أنت الحمد لله في بدايات سِنّ الشباب، أنت بخير، لو نظرت لحياتك سوف تجدين فيها أشياء طيبة وعظيمة، وأنت الحمد لله متمسّكة بصلاتك وقراءة القرآن، هذه جوائز عظيمة في الحياة الدنيا، أسأل الله تعالى أن يُفرّج عنك كل كربة ببركة ما تقرئيه من القرآن.

إذًا التفاؤل يجب أن يكون هو شعارك، والإصرار على التحسُّن، وتنظيم الوقت، تنظيم الوقت يُفجّر الطاقات النفسية القلقية، ويحوّل القلق من قلق سلبي إلى قلق إيجابي. وأنا أنصحك أن تمارسي الرياضة – أي رياضة كرياضة المشي، رياضة الجري، أي رياضة متاحة – سوف تفيدك جدًّا، سوف تحوّل القلق السلبي إلى قلق إيجابي، سوف يتحسّن نومك، عصبية المثانة سوف تقلّ، الجهاز الهضمي سوف يستقر.

وأرجو ألَّا تنامي أبدًا في أثناء النهار، لا تتناولي الشاي أو القهوة بعد الساعة السادسة مساءً، ثبتي وقت النوم، واحرصي على أذكار النوم.

أنا أريد أيضًا أن أصف لك أدوية بسيطة جدّا، سليمة جدًّا، فاعلة جدًّا. هنالك دواء يُسمَّى (ديناكسيت) أرجو أن تتناولين حبة واحدة منه في الصباح، هذا من أفضل مُزيلات القلق، وهنالك دواء آخر يُسمَّى (إميتربتالين) هذا من مضادات الاكتئاب القديمة، لكنّه جيد وفاعل، بجانب أنه يُحسِّن المزاج، ويُحسّن النوم جيدًا، لكن لا تتناولينه في وقت متأخر من الليل، حتى لا تحسين بشيء من الفتور في الصباح.

جرعة الديناكسيت - كما ذكرتُ لك - حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ في الصباح. أمَّا جرعة الإميتربتالين فتناوليه بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، ثم تناولي نصف حبة – أي 12,5 مليجرام – ليلاً لمدة شهر، ثم 12,5 مليجرام يومًا بعد يومٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الإميتربتالين في بداية العلاج ربما يجعلك تحسين بشيء من الجفاف في الفم، أو ثقل في العينين، ثقل بسيط جدًّا، هذا قد لا تحسّين به، لكن رأيت من الواجب أن أُعلمك وأنبهك لذلك، لأنه يحدث لحوالي 10 إلى 20% من الناس، وإن كان قَلَّ ما يحدث هذا العرض الجانبي لدى صغار السِّنّ.

أرجو أن تتبعي ما ذكرتُه لك من إرشاد، وأنا متفاءل جدًّا أن أمورك كلها سوف تسير إلى خير بإذن الله، معدنك أصيل، عقيدتك سليمة، وطاقاتك إن شاء الله تعالى موجودة، فقط تحتاج أن تُوجّه التوجيه الصحيح.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً