الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد قراءتي لموضوع في الأرق أصابني الأرق.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدأت كطالب جامعي، ومشكلتي عندما قرأت موضوعاً يتكلم عن الأرق فبدأت أفكر فيها أنها قد تصيبني، وتمنعني من تحقيق أهدافي الدراسية.

بدأت الفكرة تتعلق في مخي كثيراً، حتى جاء اختبار النهائي لمادة معينة، وقبلها بليلة كنت خائفاً أن لا أنام، وأحقق درجة عالية في الاختبار، وحدث ذلك ولم أنم تلك الليلة جيداً، ونمت ساعتين فقط، وذهبت للاختبار وعندما عدت من الاختبار بدأت تأتيني فكرة أني قد لا أنام مرة أخرى في الاختبار القادم، ولم أستطع المذاكرة جيداً، وحاولت أنام ولم أنم إلا قليلاً قبل اختبار مادة الإسلامي، وتلك الليلة حدث لي قذف للسائل بسبب كثرة التفكير والتوتر، وبعد مرور الوقت وانتهاء فترة الاختبارات استمرت الأفكار فأخذت دواء باروكسات ١٠ لمدة ١٠ أيام، وتحسنت حالتي نوعاً ما ورجعت أنام جيداً، ولكن لا زال هناك مخاوف بسيطة أني قد لا أحقق أهدافي، وبعد مرور ١٥ يوماً تركتها، ورجعت الأفكار، ولكن بحدة أقل، ورجع لي موضوع الأرق مجدداً، فصرت أنام بشكل متقطع، وتطورت الأفكار نوعاً ما فصرت حتى عندما أنوي إنزال وزني أفكر أني لا أنام، ويحدث لي زيادة، وأن جدولي سيخرب أو عندما يكون هناك حدث مميز قريب تأتي لي أفكار أني لن أنام، وأني سأذهب للحدث، وأنا لم أنم ويقل حماسي.

قررت بعد مرور سنتين الرجوع لباروكسات، ولكن سبب لي أرقاً بزيادة على تقطع نومي الحالي، فلم أكمله، فأريد نصيحتكم، وما هي علتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

فعلاً أنت لديك شيء من القلق والحساسية النفسية، وموضوع القذف المنوي عند التوتر الشديد هي ظاهرة تدلُّ بالفعل على وجود الشحنة النفسية الوجدانية القلقية الشديدة، هذه الظاهرة معروفة جدًّا؛ فلا تنزعج لها أيها الفاضل الكريم.

أنا أعتقد أن ما نُسمِّيه بـ (التأثير الإيحائي) يقع عليك وقعًا شديدًا، يعني مثلاً: أنت حين تقرأ عن موضوع يتكلم عن الأرق؛ يبدأ العقل الباطني لديك مباشرة يُخّزن داخليًا أنك لن تنام، أو أنك سوف تُصاب بالأرق، وهذا كما قلنا نسمِّيه بـ (التأثير الإيحائي).

أخي الكريم: تُواجه هذا التأثير الإيحائي من خلال التجاهل وتصحيح المفاهيم، فأنت تعرف أن النوم حاجة بيولوجية غريزية طبيعية، نعم قد يكون هناك تباين واختلاف وقلّة أو شدة أو تحسُّن في مستوى النوم، هذا يتفاوت، لكن في نهاية الأمر الإنسان لابد أن ينام.

إذًا هذا المفهوم مفهوم إيجابي جدًّا، وهو أن النوم ظاهرة طبيعية غريزية. بهذه الكيفية حين نفكّر يبحث عنَّا النوم ولا نبحث عنه، وهذا هو الوضع السليم والصحيح، لكن يجب أن نُهيأ أنفسنا أيضًا للنوم الصحيح، وذلك من خلال ترتيب وتجويد ما نُسمِّيه بالصحة النومية، وهذا يتطلب تثبيت وقت النوم ليلاً، والنوم الليلي لا يُعادله نوم أبدًا، لأن المواد الكيميائية الإيجابية الدماغية تُفرز ليلاً، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وجعلنا الليل لباسًا}، وقال: {والله جعل لكم الليل لباسًا والنوم سباتًا وجعل النهار نشورًا}.

الحرص على أذكار النوم أراه أمرًا ضروريًّا جدًّا جدًّا، ومهمَّة، هذه الأذكار إذا قرأها الإنسان بتدبُّر وبتمعُّنٍ وبتيقُّنٍ قطعًا تُدخل الإنسان في النوم ولا شك في ذلك.

تجنب تناول أكل الطعام الدس في وقت متأخر من الليل، الإنسان إذا أراد أن يتناول وجبة العشاء يجب أن تكون مبكرة وخفيفة. تجنب النوم النهاري، ممارسة الرياضة في أثناء النهار، ممارسة تمارين الاسترخاء، تجنب شرب الشاي والقهوة والمثيرات كلها بعد الساعة السادسة مساءً، تطبيق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مفيدة جدًّا، وتوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب أرجو أن تستفيد من أحد هذه التمارين.

إذًا هذه هي الأشياء الضرورية والأساسية التي يجب أن تتبعها لتُقلِّل حِدة هذا القلق السلبي لديك، وتحوّله إلى قلق إيجابي، وإن شاء الله تعالى تنام نومًا هانئًا وسعيدًا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أعتقد أن عقار (باروكسات) جيد بالنسبة لك، لكن أتفق معك أنه في بعض الأحيان قد يُسبب الأرق، لذا أنا أُرشّح أن تتناول (باروكسات) أو (زيروكسات CR) 12,5 مليجرام في الصباح، هذا جيد جدًّا، جرعة بسيطة، وآثارها الجانبية قليلة، وإن شاء الله تعالى تنتفع بها.

تناول هذه الجرعة صباحًا لمدة ستة أشهر مثلاً، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك اجعل الجرعة 12,5 مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم 12,5 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عنه. هذا التدرُّج في التوقف من الدواء مهم جدًّا في التعامل مع الباروكسات.

هنالك دواء بسيط يُساعدك في النوم، هذا الدواء يُعرف باسم (إميتربتالين) هو دواء قديم، لكنّه جيد في تحسين النوم، ولا يُسبب الإدمان، ويُقلّل القلق والتوتر أيضًا، ويُحسّنُ المزاج. أريدك أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً، لكن تناوله مبكّرًا، يجب ألَّا يكون بعد الساعة التاسعة مساءً أبدًا، لأنك إذا تناولته في وقتٍ متأخر سوف تحس بشيء من التكاسل في الصباح، فحاول أن تتناول الإميتربتالين في وقت مبكّر، وتناوله لمدة شهرٍ بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا، ثم اجعل الجرعة 12,5 مليجرام – بمعنى أن تكسر الحبة التي تحتوي على خمسة وعشرين مليجرامًا وتتناول نصفها – لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله.

الإميتربتالين ربما يُسبب جفاف بسيط جدًّا في الفم، لكن هذا يختفي إن شاء الله بعد أيام قليلة من بداية تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً