الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي خوف مستمر وأفكار أنني سأفقد عقلي أو أُجن!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
الدكتور محمد عبد العليم جزاه الله خيرا.

كنت أرسلت استشارة منذ شهر، كنت أعاني من نوبات الهلع، والآن لدي خوف مستمر وأفكار أنني سأفقد عقلي أو سوف أجن وخصوصا ليلا، أنا مستبصر جدا أنني بكامل قواي العقلية، لكن تغزوني الأفكار وأهلع وأخاف جدا، هل ما بي وسواس أم اضطراب هلع أم ماذا؟ وهل يمكن أن يتحول هذا لجنون ومرض عقلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاشق الهدوء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: حالتك هذه معروفة، وهي نتاج لما يمكن أن نُسمّيه بالقلق الوسواسي. هذا نوع من الأفكار القلقية الاستباقية، وقطعًا المكوّن الفكري - أي الخوف من الجنون - هو مكوّن وسواسي افتراضي، وهذا - يا أخي الكريم - لا علاقة له بالجنون، ولا علاقة له بالمرض العقلي، هو مجرد نتاج لقلقك الاستباقي، وأنك لا تُقاوم الفكر السلبي؛ لأن الوسواس يجب أن يُحقّر.

هذه الفكرة على وجه الخصوص لا تستقبلها بترحاب، لا، حقّرها وقل لها: (أنتِ فكرة سخيفة، لن أهتمّ بك، انصرفي عني)، وتصرف انتباهك لشيء آخر، ولا تحاول تحليلها، ولا تحاول الاسترسال معها، ولا تجد لها شيئا من المنطق؛ لأن الوساوس لا منطق لها، ولا تدخل في نوع ممَّا نُسمِّيه بـ (بالاستغراق الذهني)، مثلاً: تأخذ نفسًا عميقًا وتستغفر الله تعالى، وتُسبِّح الله تعالى، وتحمدُه، وتقول (لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، وتدعو الله تعالى، وتستعيذ به من كل ذي شر.

وكذلك تنصرف عن تلك الوساوس أيضًا بأن تتأمَّل في أي شيء في جسدك، مثلاً: التنفّس؛ كيف أن هذا التنفّس يحدثُ وكيف أن الله سخر لنا هذا الهواء والأكسجين حتى نتنفَّس، وكيف استقبال الرئتين للأكسجين، وكيف أن هذا الأكسجين يمتص ويدخل في الدم وينتشر في الجسد.

هذا النوع من الاستغراق الذهني الإيجابي يؤدي كثيرًا إلى انصراف هذه الأفكار الوسواسية، بمعنى آخر: التفكير في أشياء أخرى غير هذه الأفكار الوسواسية، التفكير فيما يفيد، وفيما ينفع في دين أو دنيا، والانصراف عن تلك الوساوس إلى أمور أفضل.

وأنا أجبتُ على استشارتك التي رقمها (2440458) قبل شهرٍ تقريبًا، وأرجو أن تُطبق ما ذكرتُه لك فيها، وأرجو أن تتناول الدواء الذي وصفتُه لك، وسوف يُساعدك كثيرًا في علاج هذا القلق الوسواسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً