الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نادم على خداع زوجتي وحائر في أمر الطلاق، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

تزوجت من سيدة مسلمة منذ ما يقارب خمسة عشر عامًا، أحببتها منذ البداية ولكن سبب ارتباطي بها هو السفر إلى بلادها (أوروبا)، كنت أمر بظروف صعبة حينها ولم أتردد كثيرًا في الارتباط بها، خاصة أنها مسلمة وملتزمة بالدين على قدر استطاعتها.

هي لا تنجب وكنت أعلم بذلك، حينها لم يكن الأمر يقلقني، فكان كما ذكرت سلفًا هدفي السفر، وكنت دائمًا ما أردد بداخلي أنه بعد بضعة أعوام سأعرض عليها أمر الزواج الثاني، وأنه سيكون بالأمر اليسير.

أشعر بالذنب ليل نهار، نادم لخداعي لها منذ البداية، وأيضاً أحترق بداخلي كلما أنظر حولي وأجد السنين تمر بنا ولم يرزقنا الله بمولود، أعلم أنني ارتكبت خطًأ كبيرًا منذ البداية، ولكني لا أدري ماذا أفعل؟! هي ترفض الزواج الثاني شكلاً وموضوعًا، وترى الانفصال أهون عليها بكثير من ذلك (وكان سبب انفصالها الأول بسبب الإنجاب وعدم القبول بالتعدد).

أحبها كثيرًا، فكم وقفت بجانبي وساعدتني كثيرًا طيلة السنوات، لا أعلم ماذا أفعل؟ فأنا من خدعها وظلم نفسه وظلمها حين وافقت على الزواج منها وموافقتي على عدم الإنجاب، وها هو أنا الآن أكرر ما حدث معها في الماضي.

أعلم أن من حق الرجل التعدد، ولكن أحس بالظلم في حالتي هذه؛ لأنني كنت أعلم بظروفها وها أنا أخون عهدي.

أتمنى النصيحة والدعاء لي، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –أيها الأخ الكريم– في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، والحرص على الوفاء تجاه هذه الزوجة التي لم تُقصّر معك، ونسأل الله أن يُقدّر لك ولها الخير ثم يُرضيكم به.

لا شك أن الموضوع لا يخلو من الصعوبة، وننصحك بداية بالمحافظة عليها في كل الأحوال، حتى لو حدث أنك تزوجت وأصرّت على الفراق فلا تتركها، وتمسّك بها، وأشعرها بالوفاء، لتردَّ لها بعض المعروف الذي فعلته، وحتى تُخرج من نفسك الألم في التخلّي عنها بعد أن وقفت معك.

نحب أن نطرح إليك خيارين:
الخيار الأول: هل هناك مانع في أن تبحثوا عن طفل من أجل أن يتربَّى في بيتكم؟ وهذا -ولله الحمد- متاح وموجود، وأيضًا قد تجدون من الأطفال ما يجلب لكم السعادة، هذه فكرة يفعلها بعض الناس، الذين لم يُرزقوا بأطفال، عندما يذهبون إلى الجهات المختصة، ليأخذوا من الأيتام، أو يُربُّوا أيتامًا معروفين، وما أكثر الأيتام في بلادنا المنكوبة على وجه هذه الأرض، هناك أُسر يموت الآباء وتموت الأمهات ولا يبقى إلَّا أمثال هؤلاء الصغار.

إذًا أعتقد أن هذا حل، إذا كان مجرد الرغبة في أن يكون لكم طفل تتقرَّبون إلى الله بتربيته، والإنسان إذا أحسن تربية هؤلاء الأيتام فإنه يفوز أولاً بمعيّة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقُربه في الجنة، حيث قال: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين) أو كما في الرواية الأخرى: (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره كهاتين في الجنة) وأشار بأصبعيه السبّابة والوسطى.

الخيار الثاني: أنه بإحسان التربية ثبت أن بعض هؤلاء لا يقلّ في وفائهم لآبائهم وأمّهاتهم الذين قاموا بتربيتهم عن الأبناء الذين هم من صُلب الإنسان.

إذا اخترت الخيار الآخر وأردت أن تتزوج فنوصيك بالإكرام لها قبل ذلك، وحسن العرض، وإشراكها في القرار، والتمسُّك بها مهما حصل، والإصرار على أن تكون معك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.

لا شك أن التعدُّد هو من شريعة الله، ولكن طالما أن المسألة بُنيت على شرطٍ فهي أيضًا من حقِّها أن تتخذ القرار الذي يُناسبُها، ونحن لا ننصح حقيقة باتخاذ قرار الانفصال، يعني: حتى لو كنتم وافقتم على شيء، ولكن الشريعة التي تُبيح لك أن تتزوج هي الشريعة التي تُبيح لها أيضًا أن تُخرج نفسها من حياتك، ولكن هذا خيار لا نطلبه، ولا نرتضيه، وهذا هو السبب الذي دفعك للكتابة إلينا، وحبَّذا لو تمكنت من جعلها تتواصل مع الموقع لتعرض ما عندها حتى تسمع التوجيه من طرفٍ خارجي.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات