الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقلي لا يريد تصديق ما أصدقه أنا.

السؤال

السلام عليكم.

أنا ابنكم من الجزائر، كنت أعاني في الماضي من وسواس قهري متوسط الشدة، أما الآن فقد ضعف -ولله الحمد-، ومشكلتي الحالية هي أنني أحس بضيق شديد وكأن شيئا يخنقني كلما حاولت أن أفكر في شيء يجعلني سعيدا كأن عقلي لا يصدق ما أقوله له، فعندما أقول مثلا وبكل يقين لنفسي أن الحياة جميلة فعقلي لا يصدق ذلك رغم أنني أصدقه أنا.

عندما كنت مصابا بالوسواس القهري كنت لا أصدق ما أفكر فيه من أشياء إيجابية بسبب القلق، أما الآن فالحمد لله، ولكن كما شرحت لحضرتكم أن عقلي لا يصدقني، كما أنني كلما أشغل نفسي لمدة أسبوع بإنجاز وأهداف معينة أشعر أن عقلي يعود يصدقني من جديد، وبعدها يدخلني الشك في أفكاري وأبدأ أحللها بصوت مرتفع حتى أعود من حيث بدأت كأن تفريغا ما في عقلي بصوت مرتفع يجعلها لا تصدق ما أقوله لها.

ولكن الغريب بالنسبة لي هو أنه الآن حتى عندما أحاول أن أشغل نفسي أجدها لا تريد كأنها لم تعد تصدقني حتى في أوامري العقلية الأخرى، فهل هذا وسواس قهري بصورة أخرى أم أنه مرض آخر؟

وأشكركم مسبقا على إجابتكم الكريمة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أنيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على هذه المشاركة الطيبة، ورسالتك حقيقة رسالة ممتازة، حسنة الصياغة وحسنة المحتوى كذلك، وقد عبّرتَ عن ذاتك بصورة جليّة جدًّا.

ما ذكرته حول تصديق عقلك وعدم تصديقه وما يُساورك من شكوك في أفكارك، وأنك قد بدأت تُحلِّلها بصوت مرتفع حتى تعود من حيث بدأت: هذا – أيها الفاضل الكريم – تنازع وسواسي، أو هو شكوك وسواسية تأتي وتذهب، لكن نعتبرها نوعًا بسيطًا جدًّا من الوسواس، حيث إنه فكري، وليس طقوسي، وليس له أي محتوى وسواسي آخر.

والذي يظهر لي أيضًا أنه لديك قدرة كبيرة على التحليل العقلي، وهذا ربما يكون أدخلك في هذا النوع من الوساوس.

الحمد لله أنت بخير، وإن شاء الله بخير، وطاقة القلق التي لا زالت لديك أعتقد أنك يمكن أن توجّهها توجيهًا إيجابيًا، وذلك من خلال ممارسة الرياضة، الاجتهاد في دراستك، التواصل الاجتماعي، تطبيق وممارسة تمارين الاسترخاء باستمرار، وأن ترفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تكون شخصًا مُشاركًا في أسرتك، وبارًّا بوالديك.

وحقيقة: حتى تنقطع هذه الأفكار أو على الأقل تتلاشى حدَّتها أنصحك بتناول دواء بسيط جدًّا يُسمّى (فافرين) واسمه العلمي (فلوفكسمين)، الجرعة المطلوبة في حالتك هي الجرعة الصغرى، تبدأ بخمسين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الفافرين من أفضل مضادات الوساوس، ويُعالج القلق أيضًا، وهو غير إدماني وغير تعودي، وليس له أي تأثير سلبي على الهرمونات الذكورية، كما أنه لا يزيد الشهية نحو الطعام مثل بقية الأدوية المماثلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً