الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرقية الشرعية للتخلص من آفة السحر

السؤال

السلام عليكم

يا شيخ لدي اثنان من الإخوة أمورهم مضطربة بالحياة، ويوصفون بالعصبية وعدم التفاهم معهم بالحياة بشؤوننا الخاصة.

تبين لنا بعد ذلك أنه معمول لهم سحر في علبة، وهو عبارة عن أقفال ولكن لم نتمكن من معرفة المكان، فكيف لي يا شيخ أن أعالج إخوتي وأفك عنهم السحر بدون معرفتهم بذلك؟ لأنهم لا يؤمنون أو لا يستجيبون لي بالمعالجة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تقوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الفاضلة- ورداً على استشارتك أقول:
لم تخبرينا كيف عرفتم أنه عمل لهم سحر، ومن الذي قال لكم إن السحر موضوع في علبة، وأنه عبارة عن أقفال؟ لأن البعض يذهب إلى أناس يظهرون بمظهر الصالحين وهم في الحقيقة كهان أو سحرة، فمهما أخبروا به فهو نوع من الكهانة وادعاء علم الغيب.

كيف عرف هذا الذي أخبركم أنهم مسحورون وأن السحر في علبة، وأنه عبارة عن أقفال؟ وهو لم يقرأ عليهم ولم يستكشف حالهم! أليس هذا نوع من الدجل والكهانة؟! فكيف تصدقون ذلك؟!

السحر حق ويمكن أن يقع، سواء بالطريقة التي ذكرت أو غيرها، لكن لا يجوز أن يتكلم فيها جزافاً ورجماً بالغيب، ولكن يذهب بأخويك إلى راق ثقة مأمون وهو الذي سيستكشف حالهما ويقول هل هما مسحوران أم لا.

نوصي إخوانك بالاستقامة على دين الله تعالى وأن يجتهدا في تقوية إيمانهما من خلال كثرة العمل الصالح فذلك من أسباب السعادة ومنها جلب الرزق وسعته كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ولَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

لا بد أن تحثي إخوانك على العمل بالأسباب الجالبة للرزق ومن أهمها:
تقوى الله: يقول سبحانه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ويقول: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).
كثرة الاستغفار: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).

المحافظة على أداء الصلاة في جماعة: قال العلامة ابن القيم: الصلاة مجلبة للرزق حافظة للصحة دافعة للأذى مطردة للأدواء مقوية للقلب مبيضة للوجه، مفرحة للنفس مذهبة للكسل.

صلة الأرحام: فهو من أهم أسباب زيادة الرزق والبركة في المال، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَرَّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه).

الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: فقد قال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) ومن الهموم هم الرزق.

شكر لله تعالى على سبيل الدوام: فالشكر الدائم يزيد الأرزاق ويفتح الأبواب المغلقة لقوله تعالى: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).

الهجرة من أجل طلب الرزق: فمن الناس من خرج من بلده بعد ضيق في العيش ففتح الله عليه أبواب الرزق يقول تعالى: (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) وإن كان من أهل التفسير من قال إن المقصود بالهجرة هنا الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام لكن العبرة بعموم لفظ الآية.

السعي في مناكب الأرض وعدم البقاء في نفس المنطقة قال سبحانه: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).

عليهم أن يشغلوا أنفسهم بالذكر والاستغفار والدعاء، وأن يكثروا من دعوة يونس عليه وعلى نبيِّنا السلام حين قال: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء: 87]، فهي مِن أعظم ما قيل في ذَهاب الهمِّ، فالله قال في الآية التي تعقبها: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء: 88].وفي الحديث: (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

عليهما بالاستقامة كما أمر الله، فإن من ثمارها جلب الرزق، يقول تعالى: (وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا).

احذروا من الذهاب إلى السحرة لفك السحر كما يفعل بعض الناس، فإن ذلك محرم، وفي الغالب أنهم لا يفكون السحر، وإنما يعملون سحراً آخر قد يخفي السحر القديم، وذلك باتفاق بين السحرة والعياذ بالله.

الطريقة الشرعية في فك السحر هي الرقية الشرعية المباشرة، وعلى إخوانك أن يخضعوا لذلك، ولا بأس أن تنظروا فيمن يقنعهم بالذهاب للراقي.

نسأل الله تعالى أن يهديهم ويريهم الحق حقاً ويرزقهم اتباعه والباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق ولأخويك الشفاء إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً