الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف شديد وهلع من تجارب سابقة.

السؤال

السلام عليكم.

وشكرا على هذا الموقع الممتاز.

تبدأ مشكلتي هو أني عانيت منذ عامين من سحر ومس -والحمد لله- تعالجت وشفيت بفضل الله تعالى، فدخلت في صدمة نفسية حادة ما زلت إلى الآن في نفس الموقع، لم أتقدم في حياتي، لا زلت أعاني من خوف شديد على أن تعود حالتي كما كانت، وأن يعود لي المس، فأصبحت شخصا موسوسا للغاية،
وأذهب كثيرا عند الراقي من أجل أن أطمئن، في كل مرة يقول لي هذا خوف ووسواس، اذهبي وعيشي حياتك.

علما أنني أشعر بقلق شديد، ضيق تنفس، ضيق صدر، رجفة، هبات ساخنة تعرق، كثرة التفكير في موضوع الجن، غثيان، فقدان شهية، أعراض كثيرة، أصبحت أوسوس من أي شيء على أن المس قد عاد إلي حت أكاد أن أفقد عقلي، وما زاد الطين بلة أن صديقتي أيضا مرضت، وأصبحت تتصل بي وتخبرني عن أعراضها فأصاب أنا كذلك بما أخبرتني به، وأدخل في دوامة الوسواس والأعراض الجسدية، وأهرع إلى الراقي.

أصبح شغلي الشاغل هو مراقبة جسدي وأعراضه والركض عند الراقي حت أطمئن، تعبت من حالتي في كل مرة أحاول إقناع نفسي أنه وسواس، لكن الأعراض تثبت غير ذلك.

أنا مخطوبة، وزفافي قريب، لكن أصبحت أخاف من الزواج، حيث أخاف التحدث مع خطيبي وتحدث لي نفس الأعراض؛ لأن صديقتي أخبرتني أنها تكره خطيبها، فأصبحت كذلك أخاف تكلم معه أو لقاءه.

في الوقت الحالي أنا أتناول سولبيريد ولكن دون فائدة، فحياتي أصبحت مشتتة، لا أقوى على فعل شيء سوى الوسوسة بشأن صحتي، فما هي حالتي؟ فهل أعاني من وسواس قهري؟ وما هو علاجي؟

أرجو الرد بسرعة، فأنا أعاني بشدة أنقذوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

بادئ ذي بدئ لا بد أن أؤكد لك أن مشكلتك الأساسية هي اعتقادك الجازم حول السحر والمس، وأنك قد أصبت بهما، هذا الاعتقاد خاطئ، وحتى الراقي – جزاه الله خيرًا – ذكر لك ألَّا تخافي، وهذا وسواس، واذهبي وعيشي حياتك، بمعنى أنه لا يوجد أي أثر للسحر ولا للمس.

نحن نؤمن بالسحر وبالمس ووجود هذه الأشياء إيمانًا قاطعًا، لكن ليس بهذه الصورة التي فيها شعوذة وخلل كبير أضرَّ كثيرًا بحياة الناس. فإذًا مشكلتك الجوهرية هو هذا الاعتقاد الخاطئ، ولتصحيح هذا الاعتقاد يجب أن تُدركي يقينًا أنك في حفظ الله وفي رعاية الله، وأن الإنسان قد كرَّمه الله تعالى.

والإنسان هو أرقى المخلوقات على وجه هذه الأرض، وأن الله حمانا من كل هذه الشرور – السحر والعين والمس – بمقتضيات بسيطة جدًّا إذا قُمنا بها فنحن الحمد لله في أمانٍ تام: الأذكار، الصلاة في وقتها، الدعاء، تلاوة الورد القرآني، مجرد أذكار الصباح والمساء حافظة – أختي الكريمة – فأرجو أن تُصححي هذه المفاهيم، وأرجو أن تُغيّري من مسلكك وطريقة تفكيرك حول هذا الأمر.

كل الذي بك هو قلق مخاوف ذو طابع وسواسي، أساسه هو هذا المُعتقد الخاطئ والمشوّه.

هذا هو العلاج، تصحيح المفاهيم، وبعد ذلك وحتى نساعدك إن شاء الله تعالى في علاج هذا الخوف أقول لك: مارسي بعض التمارين الرياضية، مارسي تمارين الاسترخاء، خاصّة تمارين التنفُّس المتدرّج، ويمكن أن تستعيني باليوتيوب لتتطلعي على أحد برامج الاسترخاء وتطبقيها كما هي، طريقة علاج مجّانية متاحة وسهلة وممتازة جدًّا.

أقدمي على موضوع الزواج بكل تفاؤل، واسألي الله تعالى أن يوفقك ويجعل زوجك صالحًا، وأن تكوني أنت أيضًا امرأة صالحة، وعيشي الحياة بكل قوة وبكل جمال، وتواصلي مع صديقاتك، احرصي على العبادات، خاصة الصلاة في وقتها، تواصلي اجتماعيًا، كوني بارًّة بوالديك، هذه هي الحياة، وهذا هو الذي يجب أن تُطبقيه.

عقار (سولبرايد) أنا لا أنصح به في حالتك، نعم هو مضاد للقلق؛ لكنه يرفع من هرمون الحليب أو ما يُعرف بـ (برولاكتين) عند النساء، وأنت مُقبلة على الزواج، وهذا قد يؤدي إلى اضطراب في الدورة الشهرية. فأرجو أن تتوقفي عن السولبرايد، والدواء الذي سوف يفيدك وفي ذات الوقت هو سليم وغير إدماني ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية، هو عقار (سيرترالين) والذي يُعرف تجاريًا باسم (زولفت) أو (لوسترال) وربما يكون تحت مسميات تجارية أخرى في بلدكم.

ابدئي في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعليها حبتين يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله تعالى أن يتم الزواج على خير، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يجعله مودة وسكينة ورحمة لكما، بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما على خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً