الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن للإنسان أن يرجع لفطرته؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خير الجزاء على أعمالكم.

كيف يمكن للإنسان أن يعود لنفس البراءة والفطرة السليمة التي كان عليها قبل أن يبتليه الله بذنب؟

وشكرا جزيلا

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هشام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياك لأرشد سبيل، وأن يأخذ بأيدينا إلى كل خير.

لقد أصبت – أيها الولد الحبيب – حين سمَّيت الحالة التي يكون عليها الإنسان بلا ذنب حال الفطرة، ودين الله تعالى هو دين الفطرة، فديننا يدعو إلى الإكثار من الخيرات وهجر السيئات، ومَن وقع في الذنب فإن الله تعالى برحمته شرع له عملاً يمحو به ذنبه، ويعود إلى حالته السابقة للذنب، بل ربما أحسن، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه ابن ماجه: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)).

فهذه هي الطريق التي يصل بها الإنسان إلى الفطرة من جديد بعد وقوعه في الذنب والمعصية، فإن التوبة تمحو ما قبلها من الذنوب والمعاصي، مهما كبُرتْ تلك الذنوب، فقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا}، والقرآن الكريم مليءٌ بالآيات التي تُطالب المجرمين بالتوبة مهما كانت ذنوبهم، فقد طالب القرآن المرابين والسُّراق وشُرَّاب الخمر والقتلة، بل قبل هؤلاء جميعًا دعا المشركين والذين يسبُّون الله تعالى ويُعاندونه ويكفرون بشرعه، دعاهم إلى التوبة، ووعدهم سبحانه وتعالى بأنهم إذا تابوا محا عنهم ذنوبهم، فقال بعد أن ذكر الذين يسبُّون الله تعالى ويشتمونه ويدّعون له الولد والزوجة، قال سبحانه: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم}.

فالتوبة بابُها مفتوح ولا يُغلقُ هذا الباب إلَّا إذا بلغ الروح الحلقوم أو طلعت الشمس من مغربها، فمن وقع في الذنب فعليه أن يُسارع ويُبادر، وألَّا يُؤخّر ويُسوّف، والتوبة إذا كانت في ذنبٍ فيما بين الإنسان وبين ربه تتكوّن من ثلاثة أركان:
الأول: الندم على ما كان من الذنب.
والثاني: الإقلاع والترك لهذا الذنب في الوقت الحاضر.
والثالث: العزم والتصميم على عدم العود إليه في المستقبل.

فإذا فعل الإنسان هذه الشروط الثلاث فإنه يكون قد تاب، وينبغي أن يُحسن الظن بالله تعالى بأنه سيقبل منه توبته ويغفر له ذنوبه، وإذا كان هذا الذنب الذي يتوب منه الإنسان فيه حقٌّ للعباد، فينبغي أن يتخلص من حقوق العباد بمسامحتهم وطلب عفوهم، وردّ الحقوق إليهم إذا كانت من الحقوق التي ينبغي أن تُرد.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً