الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الخوف والجبن حتى من الحوارات!

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من خوف شديد من الناس، وكذلك من الجبن لا أستطيع الرد على من يصرخ علي ومن يسبني، ويبدأ قلبي بالخفقان، وكذلك إذا تشاجر اثنان وضرب أحدهما الآخر، أخاف من الشخص الذي انتصر حتى أنني أراه وأبدأ بالارتعاد والخفقان، وأقول ممكن يضربني مثل الآخر.

قرأت مقالاتكم على الجبن، وأن الإنسان عليه أن يدافع عن نفسه، فبدأت بالارتياح، ثم رجع لي الخوف حتى أنني كرهت العمل بسبب خوفي من التشاجر؛ لأنهم هم من يصرخون علي ويسبونني، فأذهب إلى المنزل، وأبدأ بالتمارين أقول إذا اعتدى علي أحدهم سأفعل هكذا، ثم أقول لا أستطيع؛ لأنني لم أضرب أحدا في حياتي، وأنظر إلى ابنتي، وأقول هل أقدر على الدفاع عنك إذا اعتدى عليك أحدهم، ثم قررت أن أدخل إلى قاعات المصارعة لأتدرب وأقدر على الدفاع عن نفسي وعن غيري.

كان هناك بنت يتحرشون بها ويضربونها، وهي تصرخ وتقول لي أنقذني، ولكني لم أستطع تحريك رجلي، فشلت وقلبي بدأ يضرب، قلت إن قتلوني سأدخل جهنم؛ لأنني مقصر في صلاتي وواجباتي مع الذنوب، ولم أنقذها تركتهم يضربونها، ويتحرشون بها، والله المستعان، حتى الحوارات أخاف منها، مع أنني أخالط الناس، هل هناك دواء؟ وهل هذا مرض نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي العزيز: يكتسب الإنسان الغالبية العظمى من مخاوفه عن طريق التعلم وطبيعة التنشئة الأسرية والاجتماعية، فالتربية المتسلطة في المنزل أو التربية المتساهلة جداً كلاهما يؤثران سلباً على الأبناء وتجعلهم أكثر خوفاً وتردداً وأكثر اعتمادية على الآخرين.

فيما يلي إجراءات عملية عليك اتباعها، وستتخلص بمشيئة الله من الخوف بالتدريج:
- عندما تخاف من موقف ما حاول أن تسترخي أو تكون هادئاً، فبذلك تكون استخدمت استجابة تتناقض مع الخوف. والاسترخاء يخفف من التوتر بالتدريج، وفكر كيف أنك عليك أن تتصرف لا أن تفكر في ردة فعل الطرف الآخر.

- قَدِر الموقف المخيف فلا تمنح الموقف "خوفاً" أكثر مما يستدعي، فإذا قمت بعملية التقدير، فإن ذلك سوف يساعدك على التصرف فوراً، فالفتاة التي استنجدت بك ولم تنجدها، الموقف لا يستدعي منك الخوف، بل يستدعي الجرأة والإقدام باعتبارك رجل تمتلك هذه الصفات، وتأكد لو أنك استجمعت قواك وقمت بالدفاع عنها، فأنت بذلك تكون كسرت حاجز الخوف بداخلك، حتى لو لم تستطع مواجهة مجموعة من الفتيان، ولكن مجرد تدخلك لإنقاذها، كان سيجعلك أكثر شجاعة في المرات القادمة.

- رد الإهانة: قرر اعتباراً من اليوم لن أسمح لأحد بالتعدي على شخصيتي، فإذا تعدى عليك أحدهم بالكلام قم بالرد عليه، لا تصمت بل فكر، خطط، واجه: وهنا ليس من المهم أن تتكلم، ولكن "ماذا" و"متى" تتكلم، إضافة إلى أن تنظيم الأفكار وسَلسلتها يمنحانك قوة المواجهة وفصاحة الرد.

أما بالنسبة للتعدي عليك بالضرب، بداية حاول ألا تصل الأمور بينك وبين الآخرين إلى الضرب، ولكن لو تم التعدي عليك، يجب أن تدافع عن نفسك، عن أبي هُرَيْرَةَ رضِيَ الله عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) .رواه مسلم

والقوة في هذا الحديث هي قوة الإيمان، والعلم، والطاعة، وقوة الرأي والنفس والإرادة، ويضاف إليها قوة البدن إذا كانت معينة لصاحبها.

- اختر لنفسك أصدقاء ذوي سمعة حسنة وشخصيات قوية، فهؤلاء سوف يشجعونك على كيفية الرد على الآخرين، وأنت بملاحظتك لهم ولتصرفاتهم سوف تكتسب منهم أيضاً العديد من صفات الشجاعة.

- احصر المواقف التي يرتفع فيها مستوى الخوف لديك وقم بترتيبها من الأكثر تأثيراً إلى الأقل تأثيراً.

- ابدأ الآن باختيار مشكلة واحدة وابدأ بتطبيق استراتيجية "لإزالة الخوف والقلق" وصولاً إلى المواجهة، من خلال:
(أ‌) استرخِ على سرير في مكان هادئ.
(ب‌) تخيل المشكلة التي ستواجهك، وسَتُحدث فيك القلق والخوف.
(ت‌) أغمض عينيك وتخيل الموقف الذي تصفه.
(ث‌) تصور الموقف يحدث وتخيل أنك هناك فعلاً.
(ج‌) عندما تفعل الخطوة (ث) فأنت ستشعر ببعض القلق.
(ح‌) إذا حدث ذلك أوقف المشهد التخيُّلي حالاً.
(خ‌) استرخ وأرح عضلات جسمك.
(د‌) ارجع وتخيل المشهد ثانية، وإذا شعرت بالتوتر والقلق، أرح ذهنك.
(ذ‌) كرر الخطوات السابقة للمستوى الذي تستطيع فيه تخيُّل المشهد دون أن تشعر بالقلق.
بذلك الأسلوب تستطيع أن تُخفض من مستوى
القلق.
- لكي تجعل العلاج مُكتملاً، فإن عليك الآن أن تفكر بهدوء، بالتصرف الصائب في ذلك الموقف وكيف تواجهه وأن تُخطط لذلك بهدوء وحكمة، وسوف تُدهش عندما تكتشف أن خوفك وقلقك، في الماضي، كان يجعلك تتوتر بشدة، وكان يمنعك من التفكير أو التخطيط في هذا المجال، وكان يَحول دون أن تُفكر بوضوح في ذلك الموقف، وسوف يختلف الأمر كله الآن.

- انتسب لناد رياضي "غير مختلط" ، ومارس التمارين الرياضية، وسجل بدورة "الدفاع عن النفس" فهذه ستغير من طريقة تعاملك مع الأحداث التي تبعث بنفسك الخوف.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً