الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوسواس وضعف حرصي على الصلاة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أود أن أشكركم على جهودكم الرائعة.

أنا فتاة بعمر 22 عاماً، أدرس بالجامعة، لدي مشكلة سببت لي وسوسة وحزناً واكتئاباً، فمنذ أكثر من عام أعجب بي شاب وحاول لفت انتباهي ولكني -بفضل الله- تجاهلته تماماً، رغم ميلي إليه.

المشكلة هي أنني منذ ذلك الحين أصبحت استثار سريعاً، وأرى إفرازات لم أكن أعرف ما هي؟ ولا أعرف هل يلزم بسببها الاغتسال أم إعادة الوضوء فقط؟

أصبحت موسوسة بنزولها، فلم أعد أنتظم في صلاتي بسببها، لذا دعوت الله من كل قلبي أن تزول تلك الإفرازات فزالت بالفعل، والآن أنا أشعر بالخوف الشديد خشية أن يكون دعائي هذا خطأ وما كان يجب علي الدعاء به.

كما أنني أقع في الحب سريعاً، فدعوت الله أيضاً ألا أكون هكذا وألا أحب كل من يعاملني بلطف أو أحب أي شخص هكذا وأن أحب فقط من سأتزوجه حتى لا ينشغل عقلي وقلبي فيؤثر ذلك على دراستي ومستقبلي وعبادتي أيضاً.

بسبب دعواتي تلك بدأت تأتيني وساوس بأني لن أستطيع أن أحب ولن أستطيع الزواج، وبدأت أخاف من الزواج، وكلما بحثت في أمور الزواج وليلة الزفاف يزداد قلقي وخوفي، خاصة أنني لا أعلم عنها شيئاً.

أصبحت أنام كثيراً، ولا أفعل شيئاً مفيداً، وكأني أهرب من كل تلك الأفكار بالنوم، ولم أعد أصلي بانتظام.

رغم أنني كنت أنوي حفظ سورة البقرة واستغلال وقتي في تعلم أشياء مفيدة.

لذا أرجو منكم أن تفيدوني، وهل فعلاً هناك ما يستدعي الخوف منه؟ وكيف أتخلص من تلك الوساوس والمخاوف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك أدبك العالي وحسن ثنائك على الموقع، نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

ما ذكرتِه – أيتها البنت الكريمة – من دعواتٍ دعوتِ الله تعالى بها ليس فيها ما يدعو إلى القلق، وليس فيها ارتكاب لمحرّمٍ أو نهي، فسؤالك لله تعالى أن يُخلِّصك من نزول هذه الإفرازات حتى تتخلصي من معاناتها أمرٌ لا إشكال فيه، ولا إثم، فلا ينبغي أن يكون بابًا للوسوسة.

احذري من أن تفتحي هذا الباب للوساوس فتتسلط عليك، فإن الوساوس إذا تسلّطت عليك أوقعتك في ضيقٍ شديدٍ وحرجٍ دائمٍ، وربما تصلين إلى حالة من كراهة العبادة والطاعة بسبب هذه الوساوس، وعلاج هذه الوساوس أن تُغلقي بابها في أول الأمر، بأن تنصرفي عنها تمام الانصراف ولا تفكري فيها، ولا تأبهِي بها، وكلّ ما ذكرتِه في الاستشارة من مخاوف هي في الحقيقة من نتائج هذه الوسوسة وإفرازاتها.

لا إثم عليك فيما دعوتِ به من إزالة الإفرازات، ولا إثم عليك فيما دعوت به أن يصون الله تعالى قلبك من أن يقع بالتعلُّق بأي شخص يُقابلك، فهذه كلها دعوات مباحة، ولا خوف عليك أبدًا بسببها من ألَّا تُحبي زوجك في المستقبل، فكلّ ما تذكرينه من مخاوف هو في حقيقته نتائج وثمار لهذه الوسوسة، إذا أردتِّ أن تخلِّصي نفسك منها فليس عليك إلَّا أن تنصرفي عنها فقط، وتصبري على هذا السلوك، يعني: على شغل النفس بغير الوسوسة إذا هاجمت عليك.

أمَّا ما ذكرتِ من أنك لم تعودي تصلّين الصلاة بانتظام بسبب هذه الأفكار أو بسبب الإفرازات التي تذكرينها – أو غير ذلك – فهذا خطأٌ كبير ترتكبينه، لأن الصلاة أعظم شعائر الدين العملية، وشأنها عند الله تعالى عظيم، وأجرُها كذلك عظيم، فاحذري من التفريط فيها، فإن التفريط بها من أكبر الكبائر، بل هو أكبر كبيرة بعد الكفر بالله تعالى، فلا تدعي للشيطان مجالاً ليصل إلى هذه النتيجة، وهي: تثقيل الصلاة عليك بحيث تتكاسلين عنها وتُخرجينها عن الوقت.

أمر الطهارة سهل يسير، وأنت قد ذكرت في الاستشارة بأن الإفرازات قد انقطعت عنك، فإذًا لم يبق لك ما يُشكل عليك من أمر هذه الإفرازات، فاستعيني بالله سبحانه وتعالى، واستعيذي به من الشيطان الرجيم ومن وساوسه، وخذي بالأسباب التي تُعينك على الطاعات، ومن هذه الأسباب:

أولاً: الرُّفقة الصالحة، فاحرصي على صحبة النساء الصالحات والفتيات الطيبات، وأكثري من مجالستهنَّ ولو بالتواصل عبر وسائل التواصل الحديثة.

ثانيًا: أكثري من سماع المواعظ التي تُرقِّق القلب وتُذكّرُ بالآخرة وتُذكِّرُ بالجنّة والنار، والوقوف بين يدي الله على عرصات القيامة، ونحو ذلك من المواعظ التي تُنشّط النفس والروح على الإقبال على العمل الصالح.

ثالثًا: أكثري من قراءة الأحاديث التي تحثّ على الأعمال الصالحة، وهذه كثيرة، اقرئي في "رياض الصالحين" واقرئي في "صحيح الترغيب والترهيب" فإنك ستجدين من الأجر ما يدفعك ويحثُّك على العمل الصالح.

الخلاصة – أيتها البنت الكريمة – أن هذه الوساوس التي تعانينها لا علاج لها إلَّا بتحقيرها والانشغال عنها، والإكثار من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وقراءة سورتي الفلق والناس، يعني: {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}، والإكثار من ذكر الله تعالى على الدوام، فإن ذكر الله تعالى مطردة للشيطان وحصنٌ حصينٌ يتحصَّنُ به الإنسان المؤمن.

نسأل الله تعالى أن يوفقك للخيرات، ويأخذ بيدك، ويعينك على الطاعات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر أم يوسف

    جزاكم الله خير الجزاء ربنا يبارك فيكم ويجعله في ميزان حسناتكم وربنا يهدينا ويصلح حالنا جميعا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً