الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج ولم أكمل دراستي بعد.. ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

خطبت السنة الماضية زميلتي في الدراسة، أثناء الخطبة تحدثنا عن موعد الزواج، فرد والدها بأنه من الأفضل الانتظار حتى أنهي دراستي كي أكون نفسي، وكان لا يزال أمامي 4 سنوات.

قبل بضعه أيام أحد زملائي تزوج، فبدأت أفكر أن أفتح الموضوع مع والد خطيبتي بأني أريد التعجيل في الزواج؛ لأنه تبقى 3 سنوات، وهي ليست بالوقت القصير.

من ناحية متطلبات الزواج، وحياتنا الزوجية فأبي مستعد للاهتمام بنا إلى أن أتخرج، وأجد وظيفة، فما رأيكم؟ هل أتحدث إليهم أو أنتظر؟ نظرة المجتمع أنه من العيب أن يتزوج الشخص وهو لا يعمل....

أيضا هي تدرس معي، ودراستنا تعتبر صعبة، أخاف أن لا نستطيع الاهتمام والقيام بحقوق بعضنا على بعض، أو نقصر في دراستنا... أحد زملائي كان ذا مستوى ممتاز، ولكن عندما تزوج أصبح لا يدرس، ومستواه تدهور بشكل ملحوظ جدا، وأخاف أن أصبح مثله، هذا ما يمنعني عن التحدث إلى والدها.

ما يحثني على هذا أني أريد الحلال، وأنا قلق بشأن المستقبل؛ لأن أبي يريدني أن أسافر بعد تخرجي لأتوظف في الخارج لكي أبني نفسي بشكل أفضل، وأيضا والدي كره الغربة، ولا يريد الاستمرار في العمل لوقت طويل ينتظرونني أن أتخرج لأبدأ بالعمل، وأهتم بالعائلة نيابه عنه، سيكون من الصعب أخذها معي في البداية، وهذا يعني المزيد والمزيد من التأجيل.

أيضا الزواج والعيشة مع شخص جديد صعبة، أتحدث عن تجربة، فقد كرهت ترك أهلي وبلدي لأجل دراستي بعيدا عنهم، ولم أستطع الاعتياد على زملائي في السكن الجامعي، وعندما قررت أخد شقة لي ولبعض الأصدقاء أيضا احتجت وقت لأعتاد عليهم.

إن تزوجنا الآن سنكون قريبين من أهلها، وبإمكانها زيارتهم أو البقاء معهم بضعة أيام إن ضاقت من الجلوس معي، لكن إن انتظرنا فلن يكون لها هذه الفرصة.

أيضا لا أريد أن أحرم زوجتي من إنهاء دراستها التخصصية بعد تخرجنا؛ لأنها قد تريد استكمال دراستها للانتهاء سريعا، أو إن أرادت العمل معي سيكون صعبا توفير عمل لها بجانبي، خصوصا أننا سنكون في قسم الطب العام بدون خبرة كافية، وهذين سببين سيصعبان الزواج لنا، وقد ننتظر لوقت أطول؛ لأنه لا يمكن أن نسمي أنفسنا زوجين، وقد لا نرى بعضنا لسنين.

أعتذر منكم على الإطالة، وأشكركم على جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أخي الكريم، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
عليك أن تفكر بأمر الزواج بعقل، وليس بعاطفتك؛ لأن العاطفة تدعوك لإشباعها، ولا تنظر في المصلحة، وأما العقل فيدعوك لترجيح المصلحة ومصلحتك في هذه المرحلة هي التركيز على دراستك والتحصيل العلمي، وبما أن والد البنت طلب منك التأخر حتى تنتهي من دراستك، فهذا يعني موافقته مبدئيا على تزويجك بابنته.

في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (التأني من الله والعجلة من الشيطان).

النفس تميل لتلبية حاجتها ورغبتها، ولكنها ترضى إن رضيتها وتهدأ إن هدأتها، فعليك أن تفكر بحال من سبقك ممن استعجل بالزواج، ثم تدنى مستواه الدراسي، وربما بعضهم ترك ولجأ إلى تخصص آخر ليس له قبول في سوق العمل.

لا يلزم سفرك بعد التخرج، فقد تجد عملا في بلدك أفضل من سفرك للخارج، وخاصة إن كان تخصصك نادرا.

استعجالك بالزواج قد يتسبب لك ولزوجتك في ضعف التحصيل العلمي، وقد لا تستطيع هي القيام بحقوقك كما ينبغي، وهذا قد يؤدي إلى مشاكل بينكما فلا أنصحك بالاستعجال.

آمل أن تكون صاحب همة عالية خاصة، وأن تخصصك في الطب يحتاج إلى جهد كبير وألا تكتفوا بالتخصص العام، بل لا بد أن تتخصصوا تخصصا دقيقا بحيث يكون نادرا.

الزواج رزق من الله يسير وفق قضاء الله وقدره، ومهما تعلقت بفلانة أو فلانة، فأنت لا تدري أهي من رزقك أم لا؛ لأنه قد تحصل عراقيل في حال تقدمك تحل بينك وبين الزواج بها، ومهما كان فأوصيك ألا تربط أي علاقة مع هذه الفتاة أو غيرها في هذه المرحلة؛ لأن ذلك سيشغل ذهنك.

احرص على أن تكون شريكة حياتك ذات خلق ودين فإن كان متوفرا في هذه الفتاة، فيكفي أن تعطوا خبرا لوالدها والأسلم والأكمل أن تبقوا الأمور كما هي، وتركز جهدك على دراستك.

لا تفكر في المستقبل فذلك في علم الغيب ولا يدري المرء ماذا يقدر الله تعالى له والذي عليك أن تعمل بالأسباب.

اجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك سيجلب لك الحياة الطيبة لقول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وسيكون كذلك عونا لك في تيسير أمورك.

حافظ على أداء الصلاة، وأكثر من تلاوة القرآن، وحافظ على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة، وسيكون الذكر عونا لك على قضاء حوائجك بإذن الله تعالى.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً