الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف أن أفقد أهلي وزوجي.. كيف أسيطر على الخوف والتفكير؟

السؤال

السلام عليكم

مشكلتي أني أخاف من الموت، وأخاف أن أفقد أهلي، وأفقد زوجي، يعني دائما أردد يا رب أطل عمري، وعمر زوجي، وعمر أهلي، وأخاف أن يصيب زوجي مكروه، ودائما متعبة من التفكير، وتفكيري مسيطر علي، ويتعبني ويكرهني بحياتي.

أخاف أن يدعو أحد على زوجي بالموت أو أهلي، وأدعو الله يطيل بعمرهم.

كيف أسيطر على تفكيري؟ فأنا قبل أن أفكر يسيطر علي؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ قمر الحياه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحن نؤمن بالله، ونؤمن أن الموت حق، ولقد كتبَ الله على الخلق الفناء، فقال: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ)، وقدَّر على الأشياء الهلاك، فقال: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)، وخلق الخلق لأجَلٍ: فقال: ( فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) والموت لا يفرق بين كبيرٍ وصغير، أو ذكر وأنثى، أو رئيس وملك، أو أمير ووزير، لا يفرق بين إنسان أو حيوان، أو مَلَكٍ أو جان، ولا خلود لبشر مهما علا قدره ومكانته عند الله سبحانه، حتى الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

الناس جميعهم يعلمون أنهم سيموتون، ولكن متى؟ وكيف؟ هذا علمه عند الله.

إن معظم البشر لديهم قلق من الموت ولكن ضمن الحدود الطبيعية؛ لأنه فعلياً شيء غير مرئي، وعندما لا يوجد خطر واضح يهدد حياة الإنسان مثل (وباء، مرض، حرب،..)، هذا يعني أن احتمال الموت ما يزال في علم الغيب ولا يعلمه إلا الله، مثال: مريض السرطان الذي تزداد حالته سوءاً يوماً بعد يوم يكون إحساسه بـ "قلق الموت" أضعاف الشخص العادي الذي يتمتع بصحة قويّة.

وللتخلص من الشعور بـ "قلق الموت":
1- تذكري أن هناك موتا في النهاية سواء كان ذلك الآن، أو بعد حين، ولكن في نفس الوقت تذكري أن الله أمرنا بإعمار الأرض والعيش في هذه الحياة لكي نعبده حق عبادته، قال الله تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)، ولا ننسى أن الله عز وجل أخبرنا أن الدنيا دار زوال، فيقول الله تعالى موهناً أمر الدنيا ومحقراً لها: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)، ولكن هذا لا يعني أن نعيش في قلق وخوف دائمين نترقب أن يحل بنا الموت أو بأحد المقربين منا؛ لأن ذلك سيجعلنا عُرضة للأمراض النفسية والعضوية.

2- اعملي على تخفيض مستوى القلق لديك من خلال:
(أ‌) الاسترخاء؛ لأن الاسترخاء هو استجابة تتناقض كليّاً مع القلق، فاعط لنفسك قسطاً من الراحة، ومارسي تمرينات الاسترخاء والتنفس، فهذا سيخفف من المشاعر السلبية الضاغطة.

(ب‌) السيطرة على الأفكار اللاعقلانية التي تراودك؛ لأن معظم مشاكلنا في الحياة أساسها طريقة تفكيرنا اللاعقلانية بالمشكلة وليس المشكلة بحد ذاتها، فأنت تفكرين بالموت وتضعين احتمالات ربما فلان يموت، وربما لو خرج فلان لن يعود، ولكن هذه جميعها احتمالات لا تستطيعين التنبوء بنتائجها؛ لأنها ببساطة أمور بعلم علام الغيوب وهو الله، وأن الأفكار السلبية ستعود عليك بمشاعر القلق والضيق، ولكن لو فكرنا بعقلانية ضمن مبدأ (الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره) لما شعرنا بهذا القلق.

لذا ينبغي على الشخص أن لا يبالغ بمشاعر القلق، وأن يعيد النظر بمعتقداته الخاطئة، وأن يطرح على نفسه أسئلة مثل: هل الموضوع يستحق مني كل هذا التفكير والتعب النفسي؟ وخاصة أن الموت والحياة بيد الله.

هل أستطيع أن أمنع القدر لو حدث لأحد المقربين مني؟
(ج) ملء وقت فراغك، معظم الأفكار التسلطية تأتينا عندما يكون لدينا وقت فراغ كبير، لذا مارسي أنشطة وهوايات يومية، فذلك يُبعد عنك الأفكار السلبية التي تزيد من مستويات القلق والتوتر.

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً