الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في حيرة بين تمسك الخاطب بي ورفض أبي له!

السؤال

السلام عليكم.

عمري 26 سنة، طبيبة عامة في القطاع الخاص، تقدم لخطبتي جارنا، إنسان على خلق طيب يحترمني كثيرا، مستواه المعيشي متوسط ويستطيع أن يؤسس بيتاً، ومستواه الدراسي بسيط، صاحب مهنة ويسترزق بالحلال.

تقدم لخطبتي بشكل رسمي، وتم رفضه من طرف والدي ودون علمي، فقام بإضافتي على الفيسبوك، تكلم معي، فوجدت أنه خلوق وخجول وكريم ومتمسك بي، فأحببته، وكنت أعتقد أن الأمر سيختلف لو أني قدمته أنا لأبي، وقلت إني معجبة به، ولكن بعد إعادة طرح الموضوع على الوالد رفض رفضاً قاطعاً، مبرراً أنه رفض المتعلمين فكيف يقبل بمن تعليمه بسيط؟!

حاولت مع أبي كثيرا، ولكن دون جدوى، لم أستطع إقناعه، المشكلة أني أعرف ومتأكدة من عدم موافقة والدي، لكنه متمسك بي، فأصبحت أعيش ضغطاً نفسياً يومياً من جهتين: من جهة أرى تمسكه بي، ومن جهة إصرار أبي على الرفض، صرت بين خيارين، رضا والدي، ورجل يحبني ويصونني، علماً أن أبي إنسان متعصب، ولا يستطيع أحد تغيير قراراته أو التأثير عليه، وأيضا لا أريد الاستمرار في الحديث مع غريب عني في الحرام.

أرجوكم ساعدوني، ماذا أفعل؟ كيف أقنعه بالابتعاد؟ كيف أنساه وألتفت لحياتي ومستقبلي؟ لأني ضائعة.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حياك الله وبياك وجعل الجنة مثواك.

مشكلتك تكمن في: رفض والدك للخاطب بسبب عدم التكافؤ في المستوى التعليمي بينك وبينه.

أختي الفاضلة: تختلف أولويات كل فتاة عند اختيار الشريك من مجتمع لآخر، ومنها العوامل الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، بالإضافة إلى التوافق الفكري، فكل فتاة ترغب في الارتباط برجل تكمل معه حياتها، ويكون على قدر توقعاتها وأحلامها، ولكنها تنصدم مع الواقع عندما يتقدم لها الخُطاب الذين لا يتوافقون مع متطلباتها.

لذلك: على كل فتاة أن تحدد الأولويات التي تحتاجها من شريك حياتها من أجل بناء أسرة سليمة، فليس عيبًا أو انتقاصًا لها إذا تنازلت عن بعض الشروط لحساب أمور أكثر أهمية من أجل تسهيل أمر الزواج، وليس مطلوبًا التشابه والتطابق بين الشريكين، وإنما التكامل بينهما هو المهم من أجل إشباع كل منهما لحاجات الآخر.

لم تخبرينا عن الخاطب هل هو صاحب خلق ودين؟ هو لم يكمل تعليمه، وهو مرتاح ماديًا، وبمقدوره تأمين سكن لك، وأنت حصلت على هذه المعلومات من خلال تواصلك معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعدما تقدم وطلبك من والدك وتم رفضه دون علمك.

وهنا أود أن أسألك:

هل مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان المناسب للتعارف عن شريك العمر؟ وهل تصلح أن تكون وسيلة للزواج؟ وهل صاحب الخلق والدين يليق به أن يدخل إلى البيوت من خلال الإنترنت بعدما تم رفضه من ولي الأمر؟ هل تعلمين أن هذه الوسيلة أدت إلى تدمير عفة عفاف الشباب المسلم؟

والآن بعد التفكير والتأمل والإجابة على ما طرحته عليك من أسئلة تفتح الآفاق وتُنير العقل، وخصوصًا أن قرار الزواج هو قرار مصيري نلجأ إلى الاستخارة بعد الاستشارة، وإذا شعرت بالارتياح للمعلومات التي حصلت عليها، وإذا وجدت أن هذا الخاطب كفء ومناسب لبناء حياة زوجية يسودها الاحترام والتفاهم والتكامل، فلا مانع من بذل جميع الأسباب التي يمكن أن تؤثر على قرار والدك، ومنها توسيط أهل الخير، والاستعانة بأعمامك وكل من له تأثير على والدك.

أختي الكريمة: الحياة تعكس منظارك، فانظري لها نظرة تفاؤل وأمل ورضا بما أنعم الله عليك من نعم، مثل: العلم، والأخلاق، والدين، والنسب، واعلمي أنك لست كبيرة لدرجة أن تخافي أو تجعلي همك الأكبر هو الزواج، أو أن تلومي نفسك وتمارسي جلد الذات، فعليك أن تتعلمي كيف تتخذين قرارًا، فحياتنا كلها عبارة عن قرار يُتخذ، إن كان على صعيد العمل أو العلاقات الاجتماعية، أو قبول أو رفض خاطب، لذلك انظري إلى نفسك بثقة وقوة، وأحسني الظن بالمستقبل، لأن الله لا يرضى لنا الشقاء.

وأخيرًا أقول لك: انظري إلى نفسك نظرة كلها فخر واعتزاز وتقدير واحترام لما وصلت إليه من مركز مرموق في المجتمع، فتقديرك لذاتك يُغير حياتك.

أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، وأن ييسر أمرك، ويسعد قلبك قريبًا إن شاء الله تعالى، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً