الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي مشكلة في إعجابي بفتاة وقد أثر ذلك علي.. فكيف أحلها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب عمري 25 سنة، ملتزم بديني وممتاز في عملي ولله الحمد، لكن في الفترة الأخيرة أصبحت تراودني أفكار ملحة في الزواج، حتى أنني أصبحت أقضي وقتا كثيراً في مدافعة تلك الأفكار، وأصبحت أعاني من عدم التركيز في عملي بسبب تلك الأفكار.

بدأت معاناتي مع هذه المشكلة منذ أن انتقلت إلى مكتب العمل لدينا إحدى زميلات الدراسة الجامعية، وأنا أحسبها على دين وخلق، في فترة الجامعة كنت معجباً بها، ولله الحمد أنا لم أتحدث معها أبداً، فقط مراقبتي لبعض سلوكها اليومي مع زميلاتها، ولم أتحدث معها إلا عندما التحقت للعمل معنا -في شؤون العمل فقط-، لم أصارحها بإعجابي بها خوفاً من تقاليد المجتمع التي تقول أن الشاب يجب أن يتزوج ممن تصغره سناً، وأيضاً أشعر بأن وضعي المادي قد لا يسمح بخطوة الزواج في الوقت الحالي.

أصبحت أراقبها بطريقة غريبة خلال العمل وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما لاحظت هذا الميل الشديد مني اضطررت لإيقاف حسابي بفيسبوك، وفي كل مرة أدعو الله أن ينسيني إياها، يمر علي يوم ويومان وسرعان ما أعود لعادتي هذه، أضف لذلك أني أصبحت أكثر انطوائية وبعداً من الناس، أريد فقط أن أرجع لتركيزي السابق وأن أكون أكثر ضبطاً لنفسي كما كنت.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابننا الفاضل – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يُديم عليك نعمَه، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يجمع بينك وبين الفتاة المناسبة في الحلال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

سعداء نحن بهذا الأدب وبهذا النجاح الذي تُحققه في عملك، وسعداء بهذه المشاعر النبيلة التي دفعتك للكتابة إلينا، ونحب أن نؤكد أن مسألة الزواج فعلاً مسألة أساسية ومهمّة، وفيها الغنى، (التمسوا الغنى في النكاح)، ولذلك نعتقد أن النجاح سيتضاعف بعد أن تتخطى هذه المرحلة، وهي مرحلة الزواج، فلا خير في تأخير الزواج.

والإنسان يحتاج أن يتزوج مبكّرًا حتى يُنجب أطفالاً وينجح في تربيتهم، ولا يكون هناك فارق عمري كبير، لأنه يكون هناك فوارق في العمر بين الأجيال، في طرائق التفكير وفي طرائق التربية، كما أن الزوجة والعيال سيأتون بأرزاقهم، فالله تبارك وتعالى هو الذي يقول: {نحن نرزقهم وإياكم}، قدَّم الأطفال وقدَّم العيال عندما كان الخوف من عجزنا عن إطعامهم أو رزقهم، ليُذكّرنا أن الرزق من الله، بل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((وهل تُرزقون وتنصرون إلَّا بضعفائكم))، فربما أكلت الأسرة من رزق طفلها الصغير الواسع الذي قدّره الله تبارك وتعالى له ولهم.

ولذلك أنا أريد أن تُفكّر بطريقة أخرى، وهي أن تسعى فعلاً في خطوات جادة، طالما كانت الفتاة بالمواصفات المذكورة، يعني: إمَّا أن ترتبط بها أو بغيرها، المهم فكرة الزواج بعد أن صعدتْ إلى رأسك أرجو أن تحوّلها إلى مشروع، وتفكّر فعلاً بطريقة صحيحة، لأن هذا مشروع شرعي، وفي الزواج عونٌ على النجاح في العمل والنجاح في الحياة، وعونٌ على طاعة الله تبارك وتعالى.

لذلك أتمنّى أن يكون التفكير بهذه الطريقة، وأيضًا أحسنتَ بأن تحاول أن تُبعد فرص الاحتكاك، فبُعدك عن الفيسبوك، وتجنُّبك لأماكن وجود هذه الفتاة أو غيرها، كذلك أيضًا الحرص على أن تكون العلاقة محدودة جدًّا – كما أشرت – وفي إطار العمل، وحتى في إطار العمل تجعلها في المسائل الضرورية جدًّا، فهناك أشياء يستطيع الموظف أن يأخذها من آخرين من أمثاله، فلماذا فلانة؟ وهي تستطيع أن تأخذها من آخرين من أمثالها فلماذا فلان؟ والله يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم}، لأن هذا البُعد سيعطيك فرصة في التفكير الصحيح وفي الترتيب الصحيح، ولكن أنا مع فكرة أن تفكّر أيضًا في الاتجاه الصحيح لتكمل مراسيم الزواج، لتكمل نصف الدين مع هذه الفتاة، وهذا نفضّله، أو مع غيرها من الصالحات.

إذا كان هناك حرج في خصوص العمر والفوارق بينكما فأرجو ألَّا يكون هذا مانعًا، لأن الإشارة وردت بأنه ربما يكون عمرها كبيرا، وإذا كانت في نفس السن أرجو ألَّا يكون في ذلك حرج أيضًا، ولسنا مطالبين أن نفحص شهادات الميلاد ونُخبر الناس بمثل هذه الأعمار، ونؤكد أن مشاعر الحب لا تعرف فوارق الأعمار ولا تعرف هذه الفوارق التي ينظر إليها الناس، فالأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، ولكن نحن نريد للمراقبة إمَّا أن تتحوّل إلى مراقبة شرعية، بحيث تُصبح علاقة شرعية، وعندما سيحلّ الإشكال، وإمَّا أن تتوقف هذه المتابعة للزميلة المذكورة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونؤكد أن الزواج والاستقرار سبب للنجاح أيضًا في العمل، فستعود إلى نجاحات أكبر بعد زواجك، ونسأل الله أن يوسّع عليك الرزق، وأن يُهيئ لك من الأمر رشدًا، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً