الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زلات اللسان توقعني في ذنوب ومشاكل، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة مثل كل الناس ألتقي وأجتمع مع الأصدقاء، أفراد العائلة، الجيران، المهم أني أحاول دائما عدم الخوض في أعراض الناس أو النميمة، ولكن أحيانا يزل لساني بمعلومات لا أقصد منها البتة الإساءة لصاحب الأمر، ولكن من باب الفضفضة أو حتى تدرج النقاش العادي.

في مرة زل لساني لابنة عمي وأخبرتها عن معلومة تخص فتاة، فذهبت وفضحت الأمر حتى وصل الخبر لصاحبة الأمر، فغضبت، فأحسست بالذنب، ومرة أخرى زل لساني أثناء حوار مع إحدى أفراد العائلة وأخبرتها عن معلومة في سياق الحديث، لم أتوقع أن تغضبها، ومن ثم تحول الموضوع إلى مشكلة كبيرة، فشعرت بالذنب.

أحيانا أحاول الصمت والصوم عن الكلام، ولكن لا فائدة، أنجح في الأمر فترة، ثم أعود لزلات اللسان مرة أخرى، هل أحتاج إلى دروس في إدارة الحوار؟ هل هذا الذنب من الكبائر؟ وما كفارته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Faten حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا ومرحبًا بك عزيزتي، وجزاك الله عنا كل خير، ونور دربك.

مما لا شك فيه أن زلات اللسان من نقل كلام هنا أو هناك أو غيبة الغائب كلها أمور تسبب ضرراً وقطيعة في العلاقات بين البشر، فإن الإيقاع بين شخصين من الناس أو أكثر، سواء كانا صديقين أو زوجين أو جارين محرم شرعا، ولذلك جاء تحريم الغيبة والنميمة في القرآن الكريم، يقول الباري في كتابه الحكيم: (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه) وقال تعالى عن النمام: (ولا تُطع كل حلافِ مِّهين، همَّازٍ مشّاءٍ بنميمِ)، كما أخبرنا نبي الله محمد -عليه صلوات من رب البرية-: "لمّا عًرج بي إلى ربِّي عزّ وجلّ مررت بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت : مَن هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناسِ، ويقعون في أعراضهم"،أخرجه أبو داود (4878) واللفظ له، وأحمد (13340).

أختي الكريمة: جواباً على هواجسك (هل زلات اللسان من الكبائر! وهل تقبل التوبة، وما كفارة هذا الذنب؟)

- يقول أهل الشرع: لا بد أن نعلم أن الغيبة والنميمة من كبائر الذنوب، ولا كفارة لهما إلا التوبة إلى الله، والاعتذار من الشخص المتضرر، وطلب المسامحة منه، ما لم يؤد الاعتذار وطلب المسامحة إلى مفسدة كبرى، لكن ينبغي الاستغفار لمن اغتبته، والدعاء له، والثناء عليه في غيبته.

- ويمكنك التدرب على تجنب زلات اللسان من خلال بعض الخطوات التي تفيدك وتحسن أسلوبك في الكلام والتعامل بإذن الله تعالى:-

* من أجل تجنب زلات اللسان: عليك أن تتعلمي فن الاستماع والتفكير قبل النطق؛ لتتجنبي الوقوع في أمور لا تُحمد عقباها، واعلمي أن كل ما تسمعينه هو أمانة، والأمانة لا تقتصر على المال فحسب، بل إنها تُمثل كل أمر خاص بالإنسان، ربما تكون سرا من أسراره الخاصة أو مشكلة حدثت معه.

* دربي نفسك على الصمت، يُقال: "إن الصمت هو فن في التعامل مع الآخرين وهو لغة الأقوياء" ويحتاج إلى تدريب وجهد لنتعلمه ونتقنه؛ من أجل التحكم في أفكارك بدلا من أن تتحكم هي بك، نقل لنا: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: كان طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجةٍ، وكان لا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، فأرجو منك -يا غاليتي- أن يكون لنا ولكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.

* العلم ثم العلم عزيزتي، فلا تحرمي نفسك من هذه النعمة التي أصبحت حاجة ضرورية تُنير لنا دربنا وتحمينا من الوقوع في الأخطاء الشرعية، وتعلمنا كيفية المحافظة على العلاقات الاجتماعية، والأهم أن نفقه أنفسنا لنكون واثقين وأقوياء ومعافين من الأمراض النفسية والجسدية، حتى نكون عنصرًا فعالًا في المجتمع الإسلامي، ولدينا الوعي الكافي لبناء أسرة مسلمة سليمة.

* حافظي على الصلاة، وأحسني من معاملتك مع إخوانك وأخواتك، جيرانك وأصدقائك.

وفقك الله لما يحب ويرضى، ونور دربك بالمحبة والخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات