الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع مقاومة الغضب؟

السؤال

السلام عليكم

أنا امرأة متزوجة، وبعمر 25 سنة، أصلي وأحاول أن أتقرب من ربنا قدر الإمكان بالصلاة والأذكار، وأقرأ كثيراً عن فضل قراءة القرآن والأذكار، وأنها تحمي الإنسان من الشيطان، وتحافظ عليه هادئاً.

مشكلتي أني أقرأ القرآن والأذكار، ولكن إذا حصل موقف ما فإني أغضب وأصرخ وأستمر في الغضب مدة طويلة، وأنعزل، أتساءل: لماذا قراءة القرآن والأذكار لماذا لم تنفعني؟ ولم يمض يومي هادئاً وبدون مشاكل؟ ولماذا سيطر الغضب علي وسادت في البيت أجواء الكآبة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:

إن الغضب جمرة من الشيطان الرجيم يجب على كل غضوب أن يجاهد نفسه، ولذلك لما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني يا رسول الله فقال له: "لا تغضب" قال أوصني. قال: "لا تغضب" فردد مرارا فقال: "لا تغضب".

مجرد قراءة القرآن والذكر لا تدفع عن الإنسان الغضب، ولكنها تعين على تخفيفه، ولكن العلاج هو ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى رجلا قد انتفخت أوداجه واحمر وجهه فقال عليه الصلاة والسلام: "إني لأعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد" فذهب إليه رجل فقال له: قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فقال الرجل: وهل بي جنون؟ أي أنه لم يأخذ بتوجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، فنصيحتي لك أن تكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كلما أحسست من الغضب.

من العلاجات النافعة في هذا الأمر ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أحسست بالغضب يدب في جسدك فاذهبي وتوضئي، فإن ذهب فالحمد لله، وإلا فإن كنت قائمة فاجلسي، وإن كنت جالسة فقومي، أو امتدي في الفراش مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

خذي نفساً عميقاً واكتمي الهواء، ثم أخرجي الهواء بالتدريج، فهذا يهدئ الأعصاب ويبعد الغضب، ولا بد أن تبتعدي عن كل ما يغضبك، وذلك بفعل ما يريده زوجك، وإن كنت لا ترغبين بفعله طالما والأمر في دائرة المباح، بمعنى قدمي رضاه على رأيك.

اجتنبي كل الأسباب التي تؤدي إلى غضبك، وعليك أن تتفقي مع زوجك من خلال النقاش الهادئ بالطريقة التي تجنب المشاكل في البيت، وجاهدي نفسك بتجنب الغضب وكظم الغيظ، وتذكري فضل من كظم غيظه، يقول تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

استعيني بالله تعالى وتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيّني أوقات الاستجابة، وسلي ربك أن يذهب عنك الغضب، وأن يوسع صدرك، ويرزقك طول البال، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

الغضب صفة مذمومة، لكن يمكن هجرها ولو بالتدرج من خلال ما ذكرته لك سابقا، وعليك أن تتذكري دوما تبعات الغضب وما يترتب عليه من جفوة بينك وبين زوجك، وتهاجر لفترة من الوقت، وتذكري أيضا أن الغضب خدمة وهدية مجانية تقدم للشيطان الرجيم الذي يريد أن يفسد حياتك مع زوجك، كذلك تذكري أن ذلك قد ينفر عنك زوجك، وقد يتسبب لا قدر الله في الطلاق، فتذكرك لهذه المعاني سيجعلك تهدئين وتفكرين كثيرا بالعواقب، والله يوفقك ويأخذ بيدك لترك هذه الصفة الذميمة.

أكثري من أكل وشرب ما يهدئ الأعصاب وخاصة النعناع والخربز (الشمام) وأحيانا الزعفران ولا تكثري منه.

اجتهدي في قوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) والزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) واستمري بتلاوة القرآن الكريم واستماعه، والمداومة على أذكار اليوم والليلة والرقية بما تيسر من الآيات والأدعية المأثورة.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق في حياتك، وأن يذهب عنك الغضب إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً