الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من العصبية الزائدة وكثرة التفكير؟

السؤال

السلام عليكم

أنا سيدة متزوجة، ولدي ابنة تبلغ من العمر 4 سنوات، مؤخراً تشاجرنا أنا وزوجي وقام بضربي بعنف امام ابنتي وأخته مما سبب لي انهياراً عصبياً، ونفسيتي تأزمت كثيراً حتى وصل بي الأمر إلى التفكير في الانتحار، لكنني أخاف على ابنتي وعائلتي، واستغفرت الله كثيرا لكي يذهب عنى هذا الشعور، ولكنني بعد مدة طلبت منه السماح وذلك من أجل ابنتي، ولكن نفسيتي لا زالت مريضة.

أحس بالذل وأن كرامتي أهينت، وأن الناس تتكلم عني بسوء، فقدت ثقتي بنفسي، أشعر أنني إنسانة ضعيفة؛ لأني طلبت السماح منه، أحس باكتئاب وعدم الرغبة في الحياة، ولكن مع ذلك لا زالت نفسيتي متعبة، وأحس بغصة في صدري، ولو أن زوجي اعتذر وطلب مني السماح له.

أعاني أيضا من التفكير المفرط، عقلي لا يهدأ أبدا، أتمنى أن أتخلص من هذا الشعور وأشعر بالسعادة، وأن أتخلص من العصبية الزائدة وكثرة التفكير، وأن أعود مثل السابق أشعر بالسعادة والفرح في حياتي.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأن يُصلح الله تعالى أمر أسرتكم.

قطعًا الحادثة التي حدثت – وأقصد بذلك الشجار مع الزوج الكريم وما تبع ذلك – أمرٌ حقيقة مؤسف، وأتمنى من قلبي ألَّا يتكرر مرة أخرى، وما دام الرجل قد اعتذر وطلب منك السماح فأرجو أن تقبلي عُذره وأن تسعي بكل ما أوتيتِ ليصبح الزواج زواجًا سعيدًا، الزواج يقوم على المودة والسكينة والرحمة والاحترام، وهذه حقيقة هي الأسس التي تُشعر الإنسان بالسعادة والفرح كما تفضلتِ.

قضية العصبية الزائدة وكثرة التفكير تدلُّ على أن شخصيتك تحمل سمات القلق والتوتر الداخلي، وهذا كثيرًا ما يؤدي إلى شيء من عُسر المزاج والعصبية والافتقاد عن التعبير بصورة حكيمة. المواقف – خاصة المواقف التصادمية – تتطلب الكثير من الحكمة والكثير من التسامح، وأن يتعلم الإنسان كيف يتحمّل الأذى، خاصة إذا كان هذا الأذى وقع عليه من شخص قريب له.

عمومًا أنا أقول لك: لا تغضبي، حاولي أن تعبري عن نفسك أولا بأول، لأن الكتمان والاحتقان النفسي يؤدي إلى المزيد من العصبية والتوتر. وحين تحسين بوادر الغضب أو العصبية غيّري مكانك، إن كنت جالسة فقفي، ثم اتفلي على شقك الأيسر ثلاثًا، ثم استغفري الله، واستعيذي بالله من الشيطان، وجربي أن تتوضئي مرة واحدة، هذا جزء من العلاج النبوي للغضب، وهو مفيد ومريح جدًّا، ولو قام به الإنسان مرة أو مرتين سوف يحسّ بقيمته، وإذا غضب الإنسان أو تعصّب مرة أخرى مجرد تذكّر هذا العلاج النبوي يؤدي إلى انفراج كامل، وتنقل الإنسان من الاحتقان النفسي السلبي إلى راحة نفسية كبيرة إن شاء الله.

عليك أيضًا أن تمارسي أي رياضة تناسب المرأة المسلمة، رياضة المشي على وجه الخصوص ممتازة جدًّا.

أحسني إدارة الوقت، (أعمال المنزل، الواجبات الزوجية، التربية للابنة، الترفيه على النفس بما هو طيب وجميل، العبادة، التواصل مع الأهل، القراءة والاطلاع ...) أشياء كثيرة جدًّا يمكن أن يقوم بها الإنسان ويُدير وقته بصورة صحيحة، ولا شك أن هذا فيه عائد نفسي إيجابي كبير جدًّا عليك، فأرجو أن تجعلي ذلك منهجك في الحياة.

حقيقة أنا أفضل أيضًا أن تتناولي أحد مُحسِّنات المزاج البسيطة، هذا لا يعني أنك مكتئبة، لكن قطعًا الشخص المتوتر والعصبي يكون مُصابٌ بشيء من عُسر المزاج. من أفضل الأدوية التي يمكنك أن تتناولينها عقار يُسمَّى تجاريًا (زولفت) واسمه العلمي (سيرترالين) يمكن أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا – أي نصف حبة – يوميًا لمدة أربعة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناوله. الدواء دواء سليم، ودواء فاعل جدًّا، وليس إدمانيًا، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً