الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر بمشاعر بأمي وإخوتي وكل من حولي فهل أنا طبيعية؟

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

جزاكم الله خيرا على جهودكم في الموقع.

أعاني حالة من التوتر والقلق غير طبيعية، عند الشعور بأن إخوتي أو أمي يمكن أن يتضايقوا مني أو من أي أحد، أو لديهم مشكلة ما، أو أنني ضايقت شخصا ما، مثال لما أشعر به: لو كلمت والدتي وسمعت صوتها متضايقة أتوتر وأزعل وأخاف أن تكون مشكلة ما حدثت في البيت.

نفس الكلام ينطبق مع إخوتي، علما بأنهم مستقلون في حياتهم الزوجية، وأخاف أن يكون بينهم وبين زوجاتهم خلاف ما، خصوصا وأن لدي أخاً مشاكله كثيرة مع زوجته، ووصلت في إحدى المرات إلى الطلاق، وزوجته قريبتنا، ولو كلمت أخي ووجدت متضايقا أفكر بأنه على خلاف مع زوجته، أفكر به وأنه تزاعل مع زوجته، وأذهب لبرنامج -واتس اب- وأرى هل يضحك ويتكلم أم لا، حتى اطمئن عليه.

أعيش في إرهاق نفسي لعدة أيام حتى يرد أخي وأسمع صوته وأنه جيد وغير متضايق، أو يرسل رسالة يضحك بها في -واتس اب-، علما أنني بعد ذلك أكتشف بأن أمورهم جيدة ولم ينشأ أي خلاف ولكنني توهمت، وأحيانًا أخرى يكون بالفعل هناك خلاف ما.

أيضا لو قلت كلمة عفوية لأي واحدة أكلمها أفكر كثيرا، هل ضايقتها؟ ربما أنها زعلت؟ وأفكر لعدة ساعات بالأمر حتى أصاب بالصداع، وأحيانا أعود لمحادثاتها وأعتذر، ويكون الموضوع عاديا ولا يستحق كل ذلك.

باختصار لدي حالة من عدم تقبل حقيقة بأن زعلهم طبيعي، وأن تحصل بحياتهم مشاكل، أريد رؤيتهم وهم سعداء وحياتهم جيدة، ولو أنني أتعرض للمشاكل بدلا منهم فهذا أفضل.

كثرة التفكير تسبب لي صداعا شديدا وتوترا يمنعني من التحكم في أعصابي، وينعكس ذلك أحيانا في صراخي على أولادي، وأحيانا أتشاجر مع زوجي بسبب نرفزتي.

ماذا أفعل لترك هذه العادة، هل هناك أذكار أو سور من القرآن أقرؤها تلهمني الطمأنينة حينما أصاب بالحالة؟ وهل ذلك قلة إيمان مني؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ انجي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والتوفيق، وتقبّل الله طاعاتكم وصيامكم.

أيتها الفاضلة الكريمة: حالتك -إن شاء الله- بسيطة، الذي يظهر لي أن شخصيتك حسّاسة، شخصية طيبة، لطيفة، وهذا يجعلك تتأُثرين وجدانيًا لبعض المواقف التي لا تتطلب أي تأثر وجداني سلبي، ويظهر أنك تُضخم الصغائر أيضًا وتهتمّين كثيرًا بالناس، وهذا أمرٌ جيد، لكن قطعًا يُسبِّب لك القلق والتوتر والوسوسة، وقد يُشوش على تفكيرك كثيرًا.

الأمر ليس قلة في إيمانك أبدًا، -إن شاء الله- أنت بخير وعلى خير، وهذه الأمور تحصل لجميع البشر، الإنسان ضعيف -يا أختي- أيًّا كان وضعه، فالحمد لله تعالى، إن شاء الله أنت قوية الإيمان، واسأل الله لك التوفيق، واجتهدي في صلاتك وفي عباداتك، وهذا هو الطريق الأسمى للإنسان، وفي ذات الوقت يساعد على تطوير الصحة النفسية.

أختي الكريمة: من الجميل أن تكون مهتمًّا بالآخرين، لكن لا تستطيع أن تتحكم في الحياة التي حولك، لا تستطيع أن تتحكم في مشاعر الآخرين أو طريقة تعاملهم مع بعضهم البعض، يجب أن تقبل هذا، لا تكلّف نفسك فوق طاقتها، اسأل الله لهم الخير، انصحهم، ادعُ لهم، لكنّ الأمر يجب ألَّا ينعكس سلبًا عليك.

الناس تختلف في مزاجها، الناس تختلف في طريقة تعاملها، وكلُّ إنسان -بالمناسبة- مهما كان قريبًا إليك لديه خصوصيته، هنالك عالم خاص لكل إنسان. الأمور قد تظهر لنا على نمط مُعيّن، لكن الحقيقة تكون غير ذلك.

فيا أختي الكريمة: جزاك الله خيرًا على مشاعرك الطيبة هذه، لكن يجب أن تقتنعي أنك لا تستطيعين أن تتحكمي في الآخرين، وفي الحقيقة هي ليست مسؤوليتك أيضًا، فلا تكنوني حسَّاسة لهذه الدرجة، وأنا حقيقة لا أراك مريضة أبدًا، هذه مجرد ظاهرة، وحاولي أن تستفيد من حياتك ومن وقتك، تُديريه بصورة ممتازة، القراءة، الاطلاع، إذا كنت تعملين فكوني إنسانًة مُجيدة لعملك، وأنصحك بالتواصل الاجتماعي، أفضل الناس وربما أسعدهم هم الذين يقومون أو يلتزمون بأداء واجباتهم الاجتماعية، ولا يتخلّفون عنها أبدًا، يزورون المرضى، يُقدِّمون واجبات العزاء، يتبعون الجنائز، يحضرون الأعراس والعوازم، هكذا، يمكن للإنسان أن يُساعد نفسه جدًّا ويُطوّرها من خلال هذه الآليات، والرياضة أيضًا مهمّة في حياتنا.

أنا أنصحك أيضًا حقيقة بتناول دواء بسيط، أرى أن جانب الوسوسة عندك موجود، وهنالك دواء بسيط جدًّا لا يُسبب الإدمان، ويزيل القلق والوسوسة، ويُحسّن مزاجك -إن شاء الله تعالى-.

الدواء يُسمّى (فافرين)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (فلوفكسمين)، يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ آخر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.

قصدي من وصف الدواء هو فقط أن يُقلّل عندك التوتر والقلق والوسوسة وانشغالك بشأن الآخرين أكثر ممَّا يجب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً