الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ساعدوني في التخلص من الوساوس القهرية!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله أن يكتب لكم الأجر لما تقدمونه للمسلمين.

أنا عمري 15 سنة، عندما كنت صغيرا أصبت بوسواس الوضوء ووسواس الموت ووسواس الصلاة، حيث أعيد الصلاة أكثر من مرة، أتتني الوساوس بالتدريج، ومنذ سبعة أشهر أتاني وسواس العقيدة الذي جعل حياتي نارا تشتعل، في البداية كان شديدا، وكنت أتألم، وعندما علمت إنه وسواس في العقيدة ارتحت، وكان شديدا بعض الوقت وخفيفًا بعض الوقت، ومن بدأ رمضان اشتد كثيراً، ولا أعلم السبب؟! والله أفقدني لذة الحياة، وتعبت كثيراً، ولكن أسأل الله أن يشفيني ويشفي جميع المسلمين.

وسمعت أن دواء البروزاك ممتاز، فهل تنصحني به؟ وللعلم لا أحد من أهلي يعلم أني مريض بهذه الوسواس، فهل أخبرهم أم لا؟ أريد الشفاء من هذا المرض بأسرع وقت؛ لأني تعبت وكرهت كل شيء، والله أصبحت في حرب داخلية، وأرى الناس سعداء وأنا لا، لكني -والحمد لله- راض بما كتبه الله لي، علماً أني -ولله الحمد- أصوم الأيام البيض من كل شهر، وصيام كل اثنين وخميس، وأصلي النوافل وقيام الليل، وأصبت قبل سنة بوسواس يشككني في وجودي، وأني في حلم، ولكن اختفى.

أريد منكم -بعد الله- مساعدتي في التخلص من هذا الوسواس اللعين، وقد قرأت عن تجاهل الوسواس، لكن هذه الطريقة لم تفدني، فأرجو منكم الحل -بعد الله سبحانه وتعالى-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:


أرحب بك في الشبكة الإسلامية، تقبل الله طاعتكم وصيامكم.

بالفعل الذي تعاني منه هي وساوس قهرية، وساوس أفكار -الحمد لله تعالى- لا توجد معها وساوس أفعال أو طقوس، والوساوس الفكرية من هذا النوع تعالج، وأنت ذكرت أنك جربت موضوع التجاهل لكنه لم ينجح معك، تجاهل الوسواس دائماَ يكون في بدايات الخاطرة، لكن الوسواس مرض يثير الفضول عند الناس، لذا تجد الكثير من الناس يحاورون الفكرة يناقشونها يحاولون دفعها، لكن الأمور تتشابك أمامهم.

لكن من يوفق ويرفض الخاطرة في بداياتها ويحقرها حتى يمكن أن تخاطبها بأن تقول للفكرة أو للخاطرة: قف قف قف، أنت وسواس حقير، أنا لن أهتم بك، أنا أحقرك تماماً وهكذا، تردد من هذا النوع من الأفكار، وهنالك العلاجات التنفيرية، أي أن تنفر الفكرة من خلال ربطها بتفاعل مخالف لها، وقد وجد أن إيقاع الألم على النفس من أفضل التفاعلات التي تنفر الوسواس وتؤدي إلى تفكيكه، تمارين بسيط جداً:
- اجلس أمام الطاولة وتأمل في شيء طيب ثم اتي بالفكرة الوسواسية، وفجأة قم بالضرب على يدك على سطح الطاولة بشدة وقوة حتى تحس بالألم، الفكرة هي أن تربط الوسواس بالألم، تكرر هذا التمرين عدة مرات حتى 20 مرة بمعدل مرة صباحا ومرة مساء، لكن يجب أن تكون لديك القدرة على الربط بين الفكرة والخاطرة الوسواسية والألم في ذات الوقت، وجدوا أن إيقاع الألم على النفس سوف يضعف تماماً الفكرة الوسواسية.
- وتمرين آخر أيضاً يمكن أن تشم رائحة كريهة مثلاً وتربطها بالخاطرة أو الفكرة الوسواسية، وتكرر ذلك، هذا أيضاً يضعف الوسواس.
- وتمرين آخر أيضا يمكن أن تتصور مثلاً حادث كارثي كسقوط طائرة، وتربط ذلك بالفكرة الوسواسية، هذا أيضاً يضعف الوسواس.

ومن الأشياء المهمة جداً هو أن تشغل نفسك بما هو مفيد، الفراغ يؤدي إلى الوسوسة، والوساوس في مثل عمرك غالباً -إن شاء الله- تكون عابرة، ليست مطبقة، لكن أعرف أنها مؤلمة لنفسك، وبكل أسف الوساوس تزداد فعلاً في مواسم الخيرات مثل رمضان، الناس حين تكون أكثر حرصاً على تلاوة القرآن، وتجتهد في عباداتها هنا يزداد الوسواس، فالظاهرة التي تحدثت عنها هي ظاهرة معروفة، أنا بالفعل أرى أنك محتاج لعلاج دوائي، لكن قطعاً نسبة لسنك يجب أن تخطر أسرتك، والكلام مع أحد الوالدين أو كلاهما سوف يفيدك؛ لأن السكوت على الوسواس وكتمانه ليس أمراً جيداً، لكن حين تتكلم عن الذي تعاني منه من وسوسة وتشرحه مثلاً لوالدتك أو والدك وأنك قد اطلعت وعرفت أن هذا الأمر يحدث وهو وسواس قهري، مجرد الحديث هذا فيه تفريغ نفسي كبير، وفي ذات الوقت حين تقول لهما أنك محتاج أن تقابل الطبيب، والطبيب النفسي سوف يصف لك دواء، والبروزاك من الأدوية الجيدة، والفافرين أيضاً من الأدوية الجيدة جداً في مثل عمرك، السيرترالين من الأدوية الجيدة، والأدوية بالفعل تمتص تماماً القلق المصاحب للوسواس مما يؤدي إلى زوال الوسواس تماماً.

بارك الله فيك على حرصك على دينك ومخافتك لله وصيامكم وصلاتك وعباداتك، أسأل الله تعالى أن يكتب ثوابك وأن يزيدك خيراً، وأن ينفع بك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً