الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما المقصود بالعرف؟

السؤال

السلام عليكم.

هناك معتقدات وعادات خاطئة في مجتمعنا الحالي، والله أعطى لنا الحق لنميز بين الحق والباطل ولنا الحق في اختيار ما نراه صحيحا، ولكن المجتمع عندما يراك تفكر بطريقة مختلفة يقول: إن ما نقوله عرف ولا يجب أن تختلف عنه.

أنا لا أفهم ما هو العرف. الآن أرى معظم الناس متفقين على رأي خطأ ولكن ليس معناه أنه العرف، وأمثلة ذلك: في مجتمعنا إذا تعرضت المرأة للتحرش يقولون المسؤولية الكاملة على المرأة لأسباب متعددة، حسنا والرجل؟ لا يعيبه شيء؟ أعتقد أن هذا ليس ما قاله الله ولا الرسول، وأيضا في نفس الحال الزنا، يقولون إذا حدث الزنا لا يعيب الرجل في شيء أو يعيب المرأة أكثر من الرجل، ويمكن مسامحته، مع أن حكمهم واحد في القرآن والسنة!

ما أقوله أن ما سأسير عليه في حياتي هو قال الله وقال الرسول، لكن أنا أريد أن أتأكد من معنى العرف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك -أختي الفاضل-، وأهلا وسهلا بك في الموقع، وأسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الدين ويهدينا صراطه المستقيم، ويرزقنا سعادة الدارين.

بصدد احتكام بعض الناس لحكم العرف، مقدمين له على حكم الشرع في مثل ما ذكرت من نسبة الخطأ والذنب والإثم في التحرش والفاحشة أو غيرهما للمرأة دون الرجل، أو غير ذلك من المسائل والأحكام، فلا شك أن هذا باطل ودليل جهل كبير؛ لأن الشرع الحنيف مقدم على العرف؛ اتفاقا، فحقيقة الإسلام: هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله. وهو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) وقال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين).

وقد ذم القرآن الكريم عرب الجاهلية أهل الشرك لاحتكامهم إلى عرف العادات والتقاليد التي وجدوا عليها الآباء والأجداد مقدمين لها على طاعة الله وطاعة رسوله، قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ).

وقد دل الشرع على أن التكاليف الشرعية واجبة على كل مسلم بالغ عاقل من ذكر أو أنثى، قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)، وقال سبحانه: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

فيشمل ذلك كل الأحكام والتكاليف الشرعية من وجوب واستحباب وتحريم وكراهة وإباحة، ومن الواجبات: أركان الإسلام والإيمان، وكذا فمن المحرمات: الشرك بالله، والزنا، والسرقة، والربا، والخمر.

نعم فإن دليل العرف معتبر (العادة محكمة)، ولكن بشرط أن لا يخالف الشرع كما سبق،(وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا) ويختلف الإثم باختلاف المعصية، فليست كلها على مرتبة واحدة، وباختلاف آثارها، َوكل على حسب معصيته.

أوصيك -حفظك الله ورعاك- بالاستمرار على ما أنت عليه من خير، مع الازدياد من طلب العلم النافع، والعمل الصالح، ولزوم الذكر، وقراءة القرآن الكريم، والصحبة الطيبة الواعية، ومتابعة الدروس والمحاضرات والبرامج النافعة، وتطوير ذاتك وثقافتك ومواهبك العلمية والعملية.

ولا أجمل من الدعاء بأن ينير الله عقولنا، ويزكي نفوسنا، ويطهر قلوبنا، ويغفر ذنوبنا، ويستر عيوبنا، ويوفقنا لما يحب ويرضى، والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً