الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من عدم الراحة وأن حياتي فارغة ولا أعلم ما السبب

السؤال

السلام عليكم.

أريد حلا لمشكلتي، لدي أفكار وأريد أن أوقفها، أعلم أنها أفكار سخيفة ولكن والله غير قادرة على إيقافها، وعندما أغضب وأحاول التركيز في أشياء أخرى أشعر كأن حياتي فارغة، وهي ليست بفارغة.

أنا أدرس في كلية الطب وأنا قادرة عليها، وظهرت من الـ 10 الأوائل في دفعتنا، وأطمح أن أكون الأولى في الدفعة، ولكن هذه الأفكار تعكر صفو حياتي، هذه الأيام نحن في الحجز الصحي ولكننا نأخذ دروسنا والامتحان مشرف على الأبواب، وأنا لا أستطيع التركيز في شيء، كل مرة يحصل معي هكذا، أتكلم مع نفسي وأشد من عزمي ولكن في كل مرة أرجع إلى نفس المكان، وأريد أن أتكلم مع نفسي، ولكن أقول في نفسي هذا خطأ، لماذا في كل مرة تحتاجين أن تتكلمي مع نفسك لتصبحين جيدة والناس الطبيعيين لا يعملون هكذا.

والخوف أيضا، فأنا أخاف أن أرتكب أي خطأ، وأخاف أن لا أستطيع المشي... وهكذا، وأن أعمل شيئا يضر بحياتي في الدنيا والآخرة، وأشعر بعدم راحة في قلبي ولا أعرف كيف أتخلص منها؟ وألوم نفسي كثيرا وأقول: أنت المذنبة، لو تتوقف هذه الأفكار سأتخلص مما أنا فيه، ويزيد القهر وتزيد الأفكار، حقا لا أعرف ماذا أفعل؟

علاقتي مع الله ليست جيدة ولا سيئة، أصلي وأحاول أن أقرأ القرآن يوميا، لا أسمع الأغاني، ولا أذكر الله إلا قليلا، أؤمن أن الله يسمعني ويراني ويحبني ولكن لا أعرف كيف، وأنا أؤمن بكل هذا وحياتي مكتئبة هكذا، أنا أعرف أن المشكلة فيّ ولكن كيف أتخلص منها؟ أرجو منكم الإجابة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ زمزم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بتواصلك معنا -يا ابنتي- وأسأل الله -عز وجل- أن يفرج همك ويشرح صدرك وينير دربك.

إن كل الأعراض التي تعانين منها (ملل- اضطراب الأفكار- الشعور بالذنب وقلة تقدير النفس- عدم القدرة على إنجاز أي عمل وغير ذلك…) تدل على أن لديك حالة من الاكتئاب.

الاكتئاب هو مرض مثل بقية الأمراض يمكن أن يصيب أي إنسان في أي عمر وفي أي مكان، وينتج عن حدوث خلل في توازن النواقل العصبية في الدماغ، وبالطبع هنالك أناس أكثر عرضة للإصابة من غيرهم بسبب وجود مؤهب وراثي، ويبدو بأنك منهم، والخبر الجيد هو أن الاكتئاب أصبح من الأمراض التي يمكن علاجها والحمد لله.

هنالك الكثير من الأدوية التي يمكن أن تحسن من الأعراض لكن يجب تناولها تحت إشراف الطبيبة المختصة، لذلك أرى بأن تراجعي طبيبة مختصة بالأمراض النفسية حتى تقوم بتقييم حالتك عن قرب، هل هي اكتئاب فقط أم يرافقها وساوس وأفكار الحاحية، ومن ثم تحديد نوع الدواء المناسب لك.

الطبيبة أيضاً ستشرح لك بعض العلاجات السلوكية المعرفية كعلاج رديف للدواء، وستشعرين بتحسن بعد تناول الدواء في خلال 2-3 أسابيع إن شاء الله تعالى.

إليك بعض النصائح التي ستساعدك كثيراً في حالك:
1- اجعلي لنفسك روتيناً يومياً، وحاولي قدر الإمكان الالتزام به.
2- حددي لنفسك هدفاً تريدين تحقيقه، ولا تستسلمي للشعور بالعجز فهو شعور غير حقيقي في حالات الاكتئاب، وحاولي مقاومته ومن أجل ذلك ابدئي بالتدريج شيئاً فشيئاً، فقومي بوضع هدف صغير وسهل بحيث يمكنك عمله مثل: دراسة صفحة أو صفحتين من المادة التي ستقدمي فيها الامتحان الأول واستمري في ذلك بضعة أيام.

عندما تنجحين في فعل ذلك على مدار بضعة أيام سيتولد في داخلك شعور إيجابي نحو نفسك، لأنك تمكنت من التحكم بها وستستعيدين ثقتك بقدراتك، بعد ذلك يمكنك إضافة هدف جديد أي زيادة عدد الصفحات إلى 4 أو 5 صفحات في اليوم واستمري في ذلك أيضا لبضعة أيام، وهكذا كلما أنجزت هدفاً ضعي هدفاً جديداً أكبر منه بقليل، فستجدين بأنه أصبح من السهل عليك الدراسة بشكل يومي وستكونين مستعدة لدخول الامتحان.

3- عندما تراودك الأفكار والمشاعر السلبية لا تستسلمي لها، ولا تسترسلي فيها، بل قولي لنفسك وبصوت تسمعينه: (إن ما يراودني الآن من شعور بالكسل والعجز وعدم القدرة عل إنجاز أي عمل هو شعور غير حقيقي وغير صحيح، فأنا شابة ذكية وسليمة جسدياً، وقد أنجزت في السابق أعمالاً أكثر وأصعب، فأنا كنت متفوقة وبإمكاني الآن أن أحرز نفس ذلك التفوق).

4- اطلبي من والدتك أن توليك مسؤولية عمل شيء مشترك مع أحد أفراد العائلة مثلاً: أن تعتني أو تشرفي على دراسة أختك أو أخيك الصغير فالشعور بتحمل المسؤولية يساعد في محاربة الاكتئاب، لأنه يشعرك بأن غيرك بحاجة لك وأنت مصدر أمان له، وهذا يعزز الثقة بالنفس ويؤدي إلى إفراز هرمونات السعادة (دوبامين-اندورفين).

5- مارسي الرياضة بشكل يومي ولتكن رياضة المشي، وابدئي بالتدريج بالمشي 10 دقائق يومياً، ثم قومي بزيادتها إلى 15 دقيقة يومياً إلى أن تصلي إلى المشي مدة ساعة يومياً ويفضل أن تكون في النهار فالرياضة أيضاً تعزز الثقة بالنفس وتحفز إفراز هرمونات السعادة.

6- احرصي على اتباع نظام حياة صحي؛ فتناولي الطعام الصحي الغني بالخضروات والفاكهة الطازجة وركزي على الأطعمة التي تحوي على مركب أوميغا 3-6 (مثل سمك السالمون - تونا) وعلى الفوليك آسيد( سبانخ - أفوكادو).

7- ويبقى الأهم -يا ابنتي- وهو المحافظة على الصلاة في وقتها وقراءة ورد من القرآن الكريم يوميا، والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا، فهذا سيجلب لك السكينة والاطمئنان إن شاء الله تعالى.

أسأله جل وعلا أن يوفقك لما يحب ويرضى دائما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً