الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتكيف مع الناس وأغلب الخوف والأفكار الوسواسية؟

السؤال

أعاني من رهاب اجتماعي ووسواس أفكار، كنت خجولة منذ الصغر، لكني كنت أحب المدرسة، وكنت جريئة عند فتيات صفي فقط، وقد زادت مشاكلي عندما انتقلت لمدرسة أخرى منذ الصف الخامس.

أنا انطوائية وخجولة، ولم أتكيف مع المدرسة، وكنت أحيانا أرجع وأبكي بالسر، كنت أخاف من الانتقاد، وأخاف عندما أكون في محط الأنظار، والمدرسة أصبحت أسوأ مكان، وأصبح همي بسبب أنني لا أرتاح ولا أحب الفتيات، وأصادق بعض البنات لكي لا أجلس وحيدة، كان لدي صديقات قريبات، لكنهن انتقلن وأصبحت لا أجد الشخص المناسب.

أشعر بأنني مختلفة عن الآخرين، وأنني شخص مختلف، ولما أجلس في الفصل أحس أني في محط الأنظار، وأحيانا تأتي حركة مفاجأة في الوجه أو الرقبة أو الظهر بسبب التوتر، وأخشى أن أحدا لاحظها.

أنا أوسوس كثيرا بشأن حياة الآخرين؟ وكيف تبدو وجوههم، وشعور رأسهم، وذكاؤهم، وظروفهم، كانت لدي صديقة شكت لي عن ظروفها الصعبة وأصبحت أوسوس بها، وصرت أريد الابتعاد عنها بسبب الوسواس، مع أنها لم تكن قريبة مني، وقد صادقتها بسبب أنها كانت سهلة الوصول، لكني لم أتقبلها بسبب الاختلاف وأنزعج كثيرا منها، ولم تكن هي الوحيدة، بل الكثير لم أتقبلهم.

أصبحت ثقتي بأصدقائي ضعيفة، فأخاف أن يؤذونني بأسراري، لكنه لم يحصل شيء، وأظن أنهم لن يفعلوا هذا، لكني لا أعلم لماذا أنزعج وأخاف وأفكرا هكذا.

والدي لم أكن قريبة منه بسبب خجلي وخوفي، رغم أنه كان طيب القلب، لكني كنت أخجل بشدة، ولم أكن أتكلم معه إلا بإجابات بسيطة إلى الآن، وأريد أن أتغير، وأشعر بالذنب أحيانا بسبب أني قصرت مع أشخاص.

هل أحتاج إلى طبيب نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جوجو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، أنت لا زلت في مرحلة التكوين والبناء النفسي والوجداني، وعمرك هذا فيه كثير من المتغيرات، الإنسان قد تتنازعه أفكار وسواسية، والمخاوف تأتي في أشكال مختلفة، وكذلك القلق والتوتر، ونعتبر هذه الحالات حقيقة عابرة، لكن أنت ذكرت أنك خجولة منذ الصغر، وفي هذه الحالة يجب أن نهتم بموضوعك أكثر؛ لأن الخجل حين يتمازج مع المخاوف حقيقة يكون معيقا أكثر من الناحية الاجتماعية، وكلمة (معيق) أرجو أن لا تتأثري بها هي مجرد تعبير مجازي، ليس هنالك إعاقة، لكن أقصد أن الخجل حين يتمازج مع الرهاب مع الخوف قد تكون التبعات شديدة نسبياً بأن يعزل الإنسان نفسه، أو شيئا من هذا القبيل.

لكن إن شاء الله تعالى أنت بخير، وأنا متأكد أن لديك العزيمة والإصرار للتغير، فأنا أنصحك بتطوير مهاراتك الشخصية، مهاراتك الاجتماعية، أولاً: تعلمي أن ترفعي صوتك في حدود المعقول حين تكونين جالسة مع أسرتك، حين تتكلمين يجب أن تتكلمي بصورة واضحة، نبرة الصوت تكون متوازنة ومسموعة، تعبيرات وجهك يجب أن تكون أيضاً معبرة، حركة يديك ولغة الجسد يجب أن تكون أيضاً فعالة، هذه مهمة جداً، تعبيرات الوجه، نبرة الصوت، ولغة الجسد، وأفضل مكان يطور الإنسان فيه نفسه ويكون الظرف متاحا هو مع الأسرة ومع محارمك، وتطبقي نفس الشيء مع صديقاتك، دائماً حاولي أن تكوني مبادرة بمواضيع معينة، وفي هذا الزمن الأمور كثيرة والمواضيع كثيرة التي يمكن أن يتكلم فيها الإنسان، اطرقي أي موضوع، اجتماعي، ديني، أسري، وسوف تجدين أن هنالك أشياء كثيرة للإنسان يستطيع أن يتكلم عنها ويسترسل فيها.

والقصد هو أن تطوري مهاراتك، وهذه وسيلة ممتازة، مراكز تحفيظ القرآن -ما شاء الله- هي أحد المرافق المهمة لتطوير الكفاءة، الناس تذهب إلى تدارس القرآن وحفظه -الحمد لله-، لكن في ذات الوقت نحن نعلم تماماً أن كثيرا من الناس كفاءتهم الشخصية لعلاج الخجل والتردد والرهاب والمخاوف تحدث دون أن نشعر، في المرفق المدرسي يجب أن تجلسي دائماً في الصف الأول لتكوني في المواجهة، وأريدك أيضاً أن تفعلي خيالك، تتصورين نفسك بعد 10 سنوات من الآن وقد تخرجت من الجامعة -وإن شاء الله- وتزوجت وعليك مسؤوليات، وتوظفت، إن كان لديك رغبة في العمل، فتخيلي نوعية الوظيفة، ما هي واجباتك إذا عملت مثلاً معلمة، ما هي واجبات المعلمة وهكذا، عيشي هذه الخيالات الإيجابية، أيضاً هي نوع من التعرض.

هذا هو الذي أنصحك به، وطبعاً لو قابلت طبيبا نفسيا هذا سوف يكون أمراً جيداً جداً، وإن كنت في حاجة لدواء سوف يقوم الطبيب النفسي بوصف الدواء المناسب لك في هذا العمر، وإن كنت لا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي في هذه المرحلة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً